يحتجون بها، قاله الحافظ الدمياطي، وهشيم بن بشير أبو معاوية الواسطي.
والحديث من أفراد البخاري. وأخرجه أحمد بن حنبل عن هشيم.
قوله: (لتأخذ) اللام فيه للتأكيد وهي مفتوحة والمراد من الأخذ بيده لازمه وهو الرفق والانقياد، يعني: كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، على هذه المرتبة هو أنه لو كان لأمة حاجة إلى بعض مواضع المدينة وتلتمس منه مساعدتها في تلك الحاجة واحتاجت بأن يمشي معها لقضائها لما تخلف عن ذلك حتى يقضي حاجتها. قوله: (فتنطلق به حيث شاءت) وفي رواية أحمد: فتنطلق به في حاجتها، وله من طريق علي بن يزيد عن أنس: أن كانت الوليدة من ولائد أهل المدينة لتجيء وتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما تنزع يده من يدها حتى تذهب به حيث شاءت، وأخرجه ابن ماجة من هذا الوجه.
وهذا دليل على مزيد تواضعه وبراءته من جميع أنواع الكبر صلى الله عليه وسلم، وفيه أنواع من المبالغة من جهة أنه ذكر المرأة لا الرجل، والأمة لا الحرة، وعمم بلفظ الإماء، أي: أمة كانت، وبقوله: (حيث شاءت) من الأمكنة وعبر عنه بالأخذ: باليد، الذي هو غاية التصرف ونحوه.
62 ((باب الهجرة)) أي: هذا باب في بيان ذم الهجرة بكسر الهاء وسكون الجيم وهي مفارقة كلام أخيه المؤمن مع تلافيهما وإعراض كل واحد منهما عن صاحبه عند الاجتماع، وليس المراد بالهجرة هنا مفارقة الوطن إلى غيره، فإن هذه تقدم حكمها.
وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث وقول، مجرور عطفا على الهجرة أي: وفي بيان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد وصله في الباب عن أبي أيوب على ما يأتي. قوله: (فوق ثلاث) ويروى: فوق ثلاث ليال، وقد مضى الكلام فيه عن قريب. وقال النووي: قال العلماء: تحرم الهجرة بين المسلمين أكثر ن ثلاث ليال بالنص، ويباح في الثلاث بالمفهوم، وإنما عفى عنه في ذلك لأن الآدمي مجبول على الغضب فسومح بذلك القدر ليرجع ويزول ذلك العارض.
6075 حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال: حدثني عوف بن مالك بن الطفيل هو ابن الحارث وهو ابن أخي عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ل أمها: أن عائشة حدثت أن عبد بن الزبير قال في بيع أو عطاء أعطته عائشة: والله لتنتهين عائشة أو لأحجرن عليها. فقالت: أهو قال هاذا؟ قالوا: نعم. قالت: هو لله علي نذر أن لا أكلم ابن الزبير أبدا، فاستشفع ابن الزبير إليها حين طالت الهجرة، فقالت: لا والله لا أشفع فيه أبدا ولا أتحنث إلى نذري، فلما طال ذالك على ابن الزبير كلم المسور بن مخرمة وعبد الرحمان بن الأسود بن عبد يغوث، وهما من بني زهرة، وقال لهما: أنشدكما بالله لما أدخلتماني على عائشة فإنها لا يحل لها أن تنذر قطيعتي، فأقبل به المسور وعبد الرحمان مشتملين بأرديتهما حتى استأذنا على عائشة، فقالا: السلام عليك ورحمة الله وبركاته، أندخل؟ قالت عائشة: ادخلوا. قالوا: كلنا. قالت: نعم ادخلوا كلكم، ولا تعلم أن معهما ابن الزبير، فلما دخلوا دخل ابن الزبير الحجاب فاعتنق عائشة وطفق يناشدها ويبكي، وطفق المسور وعبد الرحمان يناشدانها إلا ما كلمته، وقبلت منه، ويقولان: إن النبي صلى الله عليه وسلم، نهاى عما قد علمت من الهجرة، فإنه لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، فلما أكثروا على عائشة من التذكرة والتحريج طفقت تذكرهما وتبكي، وتقول: إني نذرت والنذر شديد، فلم يزالا بها حتى