عمدة القاري - العيني - ج ٢٢ - الصفحة ١٥٠
6087 حدثنا موساى حدثنا إبراهيم أخبرنا ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمان أن أبا هريرة رضي الله عنه، قال: أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هلكت! وقعت على أهلي في رمضان. قال: أعتق رقبة. قال: ليس لي. قال: فصم شهرين متتابعين، قال: لا أستطيع. قال: فأطعم ستين مسكينا، قال: لا أجد، فأتي بعرق فيه تمر قال إبراهيم: العرق المكتل فقال: أين السائل؟ تصدق بها قال: على أفقر مني؟ والله ما بين لأبتيها أهل بيت أفقر منا، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجده، قال: فأنتم إذا.
مطابقته للترجمة في قوله: (فضحك النبي صلى الله عليه وسلم، حتى بدت نواجذه).
و موسى هو ابن إسماعيل، و إبراهيم هو ابن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، روى هنا عن ابن شهاب الزهري بلا واسطة، ويروي عنه أيضا بواسطة مثل صالح بن كيسان وغيره، و حميد بن عبد الرحمن الحميري.
والحديث مضى في كتاب الصوم في: باب المجامع في رمضان.
قوله: (قال إبراهيم) هو إبراهيم بن سعد وهو موصول بالسند الأول وفيه بيان لما أدرجه غيره فجعل تفسير العرق من نفس الحديث، والعرق بفتح العين المهملة والراء: السعيفة المنسوجة من الخوص، قال الكرماني: فإن صحت الرواية بالفاء فالمعنى أيضا صحيح إذا العرق مكيال يسع خمسة عشر رطلا. قوله: (لأبتيها) أي: لأبتي المدينة، واللابة بتخفيف الباء الموحدة الحرة بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء وهي أرض ذات حجارة سود، والمدينة بين الحرتين. قوله: (تصدق بها) أمر. قوله: (حتى بدت نواجذه) النواجذ بالذال المعجمة أخريات الأسنان الأضراس، أولها في مقدم الفم الثنايا ثم الرباعيات ثم الأنياب ثم الضواحك ثم النواجذ. فإن قلت: بين هذا وبين حديث عائشة الذي يأتي عن قريب: ما رأيته صلى الله عليه وسلم، مستجمعا ضاحكا حتى أرى منه لهواته، تعارض ومنافاة؟ قلت: لا تعارض ولا منافاة، لأن عائشة إنما نفت رؤيتها وأبو هريرة أخبر بما شاهده، والمثبت مقدم على النافي، أو نقول: عدم رؤية عائشة رضي الله تعالى عنها، لا تستلزم نفي رؤية أبي هريرة، وكل واحد منهما أخبر بما شاهده، والخبران مختلفان ليس بينهما تضاد، وفيه وجه آخر: أن من الناس من يسمي الأنياب والضواحك النواجذ، ووقع في الصيام: حتى بدت أنيابه، فزال الاختلاف بذلك، وهذا يرد ما روي عن الحسن البصري أنه كان لا يضحك، وكان ابن سيرين يضحك ويحتج على الحسن ويقول: الله هو الذي أضحك وأبكى، وكانت الصحابة يضحكون، وروي عن عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال: سئل ابن عمر: هل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يضحكون؟ قال: نعم! والإيمان في قلوبهم أعظم من الجبال. انتهى، ولا يوجد أحد زهده كزهد سيد الخلق، وقد ثبت عنه أنه ضحك، وفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصحابه المهديين الأسوة الحسنة. وأما المكروه من هذا الباب فهو الإكثار من الضحك، كما قال لقمان عليه السلام، لابنه: إياك وكثرة الضحك فإنها تميت القلب والإكثار منه وملازمته حتى يغلب على صاحبه مذموم منهي عنه، وهو من أهل السفه والبطالة. قوله: (فأنتم إذا)، جواب وجزاء أي: إن لم يكن أفقر منكم فكلوا أنتم حينئذ منه.
6088 حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي حدثنا مالك عن إسحاق بن عبد الله ابن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذ بردائه جبذة شديدة، قال أنس: فنظرت إلى صفحة عانق النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أثرت بها حاشية البرد من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد! مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه فضحك ثم أمر له بعطاء. (انظر الحديث 3149 وطرفه).
مطابقته للترجمة في قوله: (فضحك) وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة واسمه زيد بن سهل الأنصاري ابن أخي أنس
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»