عمدة القاري - العيني - ج ١٩ - الصفحة ٥٦
بسم الله الرحمن الرحيم، قال عكرمة والضحاك بالنبطية طه، أي: يا رجل، وتعليق عكرمة وصله ابن أبي حاتم من رواية حصين بن عبد الرحمن عن عكرمة في قوله: طه، أي: يا طه يا رجل، وتعليق الضحاك وصله الطبري من طريق قرة بن خالد عن الضحاك بن مزاحم في قوله: طه، قال: يار رجل بالنبطية. انتهى. وتمثل قول ابن جبير، روى عن ابن عباس والحسن وعطاء وأبي مالك ومجاهد وقتادة ومحمد بن كعب والسدي وعطبة وابن أبزى، وفي: (تفسير مقاتل): طه يا رجل بالسريانية، وقال الكلبي: عن ابن عباس، نزلت بلغة على يا رجل، وعند ابن مردويه بسند صحيح عن ابن عباس: يس بالحبشية يا إنسان، وطه بالنبطية يا رجل، وقيل: معنى طه يا إنسان، وقيل: هي حروف مقطعة لمعان، قال الواسطي: أراد بها: يا طاهر يا هادي، وعن أبي حاتم: طه استفتاح سورة، وقيل هو قسم أقسم الله به وهي من أسماء الله عز وجل، وقيل: هو من الوطي والهاء كناية عن الأرض أي: اعتمد على الأرض بقدمك ولا تتعصب نفسك بالاعتماد على قدم واحدة، وهو قوله تعالى: * (ما نزلنا عليك القرآن لتشقى) * (طه: 2) نزلت الآية فيما كان صلى الله عليه وسلم يتكلفه من السهر والتعب وقيام الليل، وقال الليث: بلغنا أن موسى عليه الصلاة والسلام، لما سمع كلام الرب تعالى استقرءه الخوف حتى قام على أصابع قدميه خوفا. فقال عز وجل: طه، أي: اطمئن، قال الأزهري: لو كان كذلك لقال: طأها، أي: طأ الأرض بقدمك، وهي مهموزة، وفي (المعاني) للفراء: هو حرف هجاء، وحدثني قيس قال: حدثني عاصم عن زر، قال: قرأ رجل على ابن مسعود رضي الله عنه: طأها، فقال له عبد الله: طه، فقال الرجل: يا أبا عبد الرحمن أليس إنما أمر أن يطأ قدمه؟ قال: فقال عبد الله: طه، هكذا أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزاد في (تفسير ابن مردويه) كذا نزل بها جبريل عليه الصلاة والسلام، بكسر الطاء والهاء، قال: وكان بعض القراء يقطعها، وقرأ أبو عمرو بن العلاء: طاه، قال الزجاج: يقرأ طه بفتح الطاء والهاء، وطه بكسرهما، وطه بفتح الطاء وسكون الهاء، وطه بفتح الطاء وكسر الهاء.
قال ابن جبير والضحاك بالنبطية طه يا رجل: وقال مجاهد ألقى صنع أي: قال مجاهد في قوله تعالى: * (يا موسى إما أن تلقي وأما أن نكون أول من ألقى) * (طه: 56) أي: صنع، وقد مر هذا في قصة موسى عليه الصلاة والسلام، في أحاديث الأنبياء عليهم السلام، وكذلك يأتي لفظ: ألقى، في قوله: * (فكذلك ألقى السامري) * (طه: 78) وفسر هناك أيضا بقوله: صنع، والمفسرون فسروا كليهما في الإلقاء وهو الرمي.
يقال كل ما لم ينطق بحرف أو فيه تمتمة أو فأفاة فهي عقدة أشار بذلك إلى تفسير: عقدة، في قوله تعالى: * (واحلل عقدة من لساني) * (طه: 72) وفسر العقدة بما ذكره، وقال ابن عباس: يريد موسى عليه الصلاة والسلام، أطلق عن لساني العقدة التي فيه حتى يفهموا كلامي والتمتمة التردد بالتاء في الكلام، والفأفأة التردد بالفاء.
أزري ظهري أشار به إلى قوله تعالى: * (هارون أخي أشدد به أزري) * (طه: 03 13) فسر الأزر بالظهر، وفي التفسير: ألازر القوة والظهر، يقال: أزردت فلانا على الأمر، قويته عليه، وكنت له فيه ظهرا.
فيسحتكم: يهلككم أشار به إلى قوله تعالى: * (لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب) * (طه: 16)... الآية. وفسر: (يسحتكم) بقوله: (يهلككم)، وفي التفسير: أي يستأصلكم، يقال: سحته الله وأسحته أي: استأصله وأهلكه، وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم بضم الياء والباقون بالفتح لأن فيه لغتين بمعنى واحد.
المثلى تأنيث الأمثل يقول بدينكم يقال خذ المثلى خذ الأمثل أشار به إلى قوله تعالى: * (ويذهبا بطريقتكم المثلى) * (طه: 36) وقال: (المثلى تأنيث الأمثل) يعني: يذهب بدينكم. وقد أخبر الله تعالى عن فرعون أنه قال: إن موسى وهارون عليهما السلام، يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما وفسر قوله (ويذهب بطريقتكم المثلى) ذهبا بطريقتكم المثلى يعني: بدينكم، وهكذا فسره الكسائي أيضا قوله: يقال: خذ المثلى، أي: خذ الطريقة المثلى، أي: الفضلى، وخذ
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»