عمدة القاري - العيني - ج ١٩ - الصفحة ٥٤
لا أكفر، قال الكرماني: فإن قلت: مفهوم الغاية أنه يكفر بعد الموت. قلت: لا يتصور الكفر بعد الموت فكأنه قال: لا أكفر أبدا، وهو مثل قوله تعالى: * (لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى) * (الدخان: 65) في أن ذكره للتأكيد.
رواه الثوري وشعبة وحفص وأبو معاوية ووكيع عن الأعمش أي: روى الحديث المذكور هؤلاء الخمسة عن سليمان الأعمش، أما رواية سفيان الثوري عن الأعمش إلى آخرها فوصلها البخاري بعد هذا، وهو قوله: حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن الأعمش إلى آخره، وأما رواية شعبة فكذلك وصلها البخاري عقيب رواية محمد بن كثير عن بشر بن خالد عن محمد بن جعفر عن شعبة إلى آخره، وأما رواية حفص وهو ابن غياث فوصلها في الإجارة في: باب هل يؤجر الرجل نفسه من مشرك، عن عمر بن حفص عن أبيه حفص بن غياث عن الأعمش، وأما رواية أبي معاوية محمد بن خازم، بالمعجمة والزاي، فوصلها أحمد قال: حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش إلى آخره، وأما رواية وكيع فوصلها البخاري أيضا عن يحيى عن وكيع عن الأعمش إلى آخره، وعن قريب تأتي.
4 ((باب قوله عز وجل: * (أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا) * (مريم: 87)) أي هذا باب في قوله عز وجل (أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا) الآية.
قال ابن عباس: أنظر في اللوح المحفوظ، يعني: العاص بن وائل، وقال مجاهد: أعلم علم الغيب حتى يعلم أفي الجنة هو أم لا. قوله: (أطلع) من اطلع الجبل إذا ارتقى إلى أعلاه. قوله: (عهدا)، أي: أم قال: لا إله إلا الله، وعن قتادة: عمل صالحا قدمه، وعن الكلبي: عهد إليه أنه يدخله الجنة، وفسر البخاري (عهدا) بقوله: (موثقا)، وكذا أخرجه ابن أبي حاتم عن أبيه عن محمد بن كثير شيخ البخاري فيه، وليس في رواية أبي ذر. قوله: (موثقا)، وهو التعاقد والتعاهد، وأصله من الوثاق وهو حبل يشد به الأسير والدابة، وقال الجوهري: الموثق الميثاق.
3374 حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن خباب قال كنت قينا بمكة فعملت للعاصي بن وائل السهمي سيفا فجئت أتقاضاه فقال لا أعطيك حتى تكفر بمحمد قلت لا أكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم حتى يميتك الله ثم يحييك قال إذا أماتني الله ثم بعثني ولي مال وولد، فأنزل الله: * (فرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا اطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمان عهدا) * قال موثقا لم يقل الأشجعي عن سفيان سيفا ولا موثقا.
.
هذا طريق آخر في الحديث المذكور أخرجه عن محمد بن كثير إلى آخره، وقد أخرج هذا الحديث من أربع طرق وترجم لكل حديث آية من الآيات الأربعة المذكورة إشارة إلى أن هذه الآيات كلها في قصة العاص بن وائل وذكر في كل ترجمة ما يطابقها من الحديث.
قوله: (لم يقل الأشجعي)، نسبة إلى أشجع، بفتح الهمزة وسكون الشين المعجمة وفتح الجيم وبالعين المهملة: ابن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس غيلان بن مضر بن نزار، وهو عبد الله بن عبد الرحمن أبو عبد الرحمن الكوفي سمع سفيان الثوري، مات سنة اثنتين وثمانين ومائة في أولها، وروى الأشجعي هذا الحديث عن سفيان الثوري ولم يذكر في روايته (عن سفيان سيفا ولا موثقا).
5 ((باب: * (كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدا) * (مريم: 97)) أي: هذا باب في قوله عز وجل: * (كلا) * الآية، كلمة: كلا، ردع ورد على العاص بن وائل. قوله: (سنكتب) أي: سنحفظ عليه ما يقول فنجازيه به في الآخرة. قوله: (ونمد له)، أي: نزيده عذابا فوق العذاب.
4374 حدثنا بشر بن خالد حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن سليمان سمعت أبا
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»