عمدة القاري - العيني - ج ١٩ - الصفحة ٥٧
الأمثل، أي: الأفضل، يقال: فلان أمثل قومه أي: أفضلهم.
ثم ائتوا صفا يقال: هل أتيت الصف اليوم يعني المصلى الذي يصلى فيه أشار به إلى قوله عز وجل: * (فأجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفا) * (طه: 46) وأشار بقوله يقال إلى آخره، أن معنى صفا مصلى ومجتمعا. وكذا قال أبو عبيدة، وعن مقاتل الكلبي: معناه جمعا، حاصل المعنى أن فرعون يقول لقومه: أجمعوا كيدكم أي: مكركم وسحركم، ثم ائتوا صفا يعني مصلى وهو مجمع الناس، وحكي عن بعض العرب الفصحاء: ما استطعت أن آتي الصف أمس، أي: المصلى.
فأوجس أضمر خوفا فذهبت الواو من خيفة لكسرة الخاء أشار به إلى قوله تعالى: * (فأوجس في نفسه خيفة موسى) * (طه: 76) وفسر أوجس بقوله: أضمر. قوله: (خوفا) أي: لأجل الخوف، وقال مقاتل: إنما خاف موسى عليه الصلاة والسلام، أن صنع القوم مثل صنعه أن يشكوا فيه فلا يتبعوه ويشك من تابعه فيه. قوله: (فذهبت الواو)... إلى آخره، قال الكرماني: ومثل هذا لا يليق بحال هذا الكتاب أن يذكر فيه. قلت: إنما قال هذا الكلام لأنه مخالف لما قاله أهل الصرف على ما لا يخفى.
في جذوع أي على جذوع أشار به إلى قوله تعالى: * (ولأصلبنكم في جذوع النخل) * (طه: 17) وأشار به إلى أن كلمة: في، بمعنى: على، كما في قوله تعالى: * (أم لهم سلم يستمعون فيه) * (الطور: 83) أي: عليه.
خطبك بالك أشار به إلى قوله تعالى: * (وقال فما خطبك يا سامري) * (طه: 59) وفسره بقوله: (بالك). وفي التفسير، قال موسى عليه الصلاة والسلام للسامري: فما خطبك؟ أي: فما أمرك وشأنك الذي دعاك وحملك على ما صنعت؟
مساس مصدر ماسه مساسا أشار به إلى قوله عز وجل: * (فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس) * (طه: 79) الآية ولم يذكر معناه، وإنما قال: مساس، مصدر ماسه يماسه مماسة ومساسا، والمعنى: أن موسى عليه الصلاة والسلام قال للسامري: إذهب من بيننا فإن لك في الحياة، أي: ما دمت حيا أن تقول: لا مساس. أي: لا أمس ولا أمس، فعاقبه الله في الدنيا بعقوبة لا شيء أشد وأوحش منها، وذلك لأنه منع من مخالطة الناس منعا كليا حرم عليهم ملاقاته ومكالمته.
لننسفنه لنذرينه أشار به إلى قوله تعالى: * (لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا) * (طه: 79) وفسر: (لننسفنه) بقوله: (لنذرينه) من التذرية، وفي التفسير: أن موسى عليه الصلاة والسلام، أخذ العجل فذبحه فسال منه الدم لأنه كان قد صار لحما ودما ثم أحرقه ثم ذراه في اليم أي: في البحر.
قاعا يعلوه الماء أشار به إلى قوله تعالى: * (فيذرها قاعا صفصفا) * (طه: 601) وفسر القاع بأنه يعلوه الماء، وهو كذلك لأن القاع ما يعلوه الماء، والصفصف المستوي، وقال عبد الرزاق: عن معمر عن قتادة: القاع الصفصف الأرض المستوية، وقال الفراء: القاع ما انبسط من الأرض ويكون فيه السراب نصف النهار، والصفصف الأملس الذي لا نبات فيه.
والصفصف المستوي من الأرض قد مر الكلام فيه، وفي التفسير: الصفصف المستوي كأنها من استوائها على صفة واحدة، وقيل: هي التي لا أثر للجبال فيها.
وقال مجاهد أوزارا أثقالا أي: قال مجاهد في تفسير قوله تعالى: * (ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم) * (طه: 78) أي: أثقالا، وهو جمع وزر ويراد به العقوبة الثقيلة، سماها وزرا تشبيها في ثقلها على المعاقب وصعوبة احتمالها بالحمل الذي يقدح الحامل ويفضض ظهره، أو لأنها جزاء الوزر. وهو الإثم.
من زينة القوم الحلي الذي استعاروا من آل فرعون
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»