6374 حدثنا الصلت بن محمد حدثنا مهدي بن ميمون حدثنا محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال التقى آدم وموسى فقال موسى لآدم أنت الذي أشقيت الناس وأخرجتهم من الجنة قال له آدم أنت الذي اصطفاك الله برسالته واصطفاك لنفسه وأنزل عليك التوراة قال نعم قال فوجدتها كتب علي قبل أن يخلقني قال نعم فحج آدم موسى: واليم البحر.
.
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: (أنت الذي اصطفاك الله برسالته واصطفاك لنفسه) تفهم بالتأمل، والصلت، بفتح الصاد المهملة وسكون اللام وبالتاء المثناة من فوق: ابن محمد بن عبد الرحمن الخاركي، بالخاء المعجمة والراء: البصري، وهو من أفراده.
والحديث من أفراده أيضا من هذا الوجه، وقال الدارقطني: رواه أبو هلال الراسبي عن أبي هريرة فوقفه، وكان كثيرا ما يتوقى رفعه، ولما رواه هدبة عن مهدي رفعه مرة ثم رجع عن رفعه فوقفه، ومضى هذا الحديث أيضا في كتاب الأنبياء في: باب وفاة موسى، فإنه أخرجه هناك عن عبد العزيز بن عبد الله عن إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة... إلى آخره، وسيأتي أيضا من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة، وأخرجه أيضا من حديث أبي سعيد. وأخرجه مسلم بألفاظ: منها: فقال موسى يا آدم أنت أبونا، أخرجتنا من الجنة، منها: قبل أن يخلقني بأربعين سنة. ومنها: أنت الذي أغويت الناس وأخرجتهم من الجنة. ومنها: هل وجدت فيها؟ يعني: في التوراة وعصى آدم ربه فغوى؟ قال: نعم.
قوله: (التقى آدم وموسى عليهما السلام)، وفي لفظ ابن مردويه: فلقيه موسى فقال له، وفي لفظ للبخاري: احتج آدم وموسى عليهما السلام، وفي حديث عمر بن الخطاب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن موسى قال: يا رب أرنا أبانا الذي أخرجنا ونفسه من الجنة! فأراه آدم عليه السلام، فقال: أنت أبونا؟ قال: نعم. قال: أنت الذي نفخ الله فيك من روحه وأسجد لك ملائكته؟ قال: نعم. قال: فما حملك على أن أخرجتنا من الجنة؟ فقال له آدم: من أنت؟ قال: موسى، قال: نبي بني إسرائيل الذي كلمك الله من غير رسول من خلقه؟ قال: نعم، قال أما وجدت أن ذلك كان في كتاب الله قبل أن أخلق؟ قال: نعم، قال: ففيم تلومني في شيء سبق من الله فيه القضاء؟ قيل: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: فحج آدم موسى. فإن قلت: التقاؤهما في أين كان؟ أكان بالأرواح فقط أو بالأرواح والأجسام؟ قلت: قال القابسي: التقت أرواحهما في السماء، وقيل: يجوز أن يكون ذلك يوم القيامة، وقال عياض: يجوز أن يحمل على ظاهره وأنهما اجتمعا بأشخاصهما، وقد ثبت في حديث الإسراء أنه صلى الله عليه وسلم اجتمع بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام في السماوات وفي بيت المقدس وصلى بهم، فلا يبعدان الله عز وجل، أحياهم كما أحيى الشهداء، ويحتمل أن يكون جرى ذلك في حياة موسى عليه الصلاة والسلام، لحديث عمر: أرنا أبانا... وقد مر الآن. وقال ابن الجوزي: يجوز أن يكون المراد شرح حال بضرب مثل: لو اجتمعا لقالا فإن قلت: ما وجه اختصاص موسى عليه الصلاة والسلام، بهذا دون غيره من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؟ قلت: لأنه أول من جاء بالتكاليف. قوله: (أنت الذي أشقيت الناس)؟ من الشقاوة، وهي ضد السعادة، وفي لفظ لمسلم: يا آدم أنت أبونا خيبتنا أي: أوقعتنا في الخيبة وهي الحرمان والخسران، وقد خاب يخيب ويخوب معناه: كنت سبب خيبتنا، وفيه جواز إطلاق نسبة الشيء علي من تسبب فيه. قوله: (من الجنة)، المراد بالجنة التي أخرج منها آدم عليه الصلاة والسلام، جنة الخلد وجنة الفردوس التي هي دار الجزاء في الآخرة، وجنة الفردوس وغيرها التي هي دار البقاء، وهي كانت موجودة قبل آدم عليه الصلاة والسلام، وهو مذهب أهل الحق. قوله: (اصطفاك الله) أي: أخصك الله بذلك، ويقال: جعلك خالصا صافيا عن شائبة ما لا يليق بك، وفيه تلميح إلى قوله تعالى: * (وكلم الله موسى تكليما) * (النساء: 461) قوله: (وأنزل عليك التوراة) فيها تبيان كل شيء من الإخبار بالغيوب والقصص والحلال والحرام والمواعظ وغير ذلك. قوله: (فوجدتها) ويروى: فوجدته، الضمير بالتأنيث والتذكير يرجع إلى التوراة بالتأنيث باعتبار اللفظ، والتذكير باعتبار المعنى، وهو الكتاب. قوله: (كتب علي) ليس المراد أنه ألزمه إياه وأوجبه عليه، فلم يكن له في تناول الشجرة