عمدة القاري - العيني - ج ١٨ - الصفحة ٢٢٤
مفتح، بكسر الميم لأن اسم للآلة التي يفتح بها، واسم الآلة مفعل ومفعال ومفعلة كلها بكسر الميم، وقرئ (مفاتيح الغيب) جمع مفتاح، وقيل: المفاتح هنا جمع مفتح بفتح الميم أي: مكان الفتح، وقيل: هو مصدر ميمي على معنى: وعنده فتح الغيب وقال الزمخشري: جعل للغيب مفاتح على طريق الاستعارة لأن المفاتح يتوصل بها إلى ما في المخازن المتوثق منها بالإغلاق والأقفال ومن علم مفاتحها وكيف تفتح توصل إليها فأراد أنه هو المتوصل إلى علم المغيبات وحده لا يتوصل إليها غيره، كمن عنده مفاتح أقفال المخازن يعلم فتحها فهو المتوصل إلى ما في المخازن، وذكر ابن أبي حاتم عن السدي (وعنده مفاتح الغيب) قال: خزائن الغيب. وقال مقاتل: عنده خزائن غيب العذاب متى ينزله بكم، وقال الجوزي: مفاتح الغيب هو ما غاب عن بني آدم من الرزق والمطر والثواب، وقيل: مفاتح الغيب السعادة والشقاوة، وقيل: الغيب عواقب الأعمار وخواتيم الأعمال. وقال الثعلبي: مفاتح الغيب خزائن الأرض، وقيل: هو ما لم يكن بعد أنه يكون لم لا يكون وما يكون وكيف يكون.
4627 ح دثنا عبد العزيز بن عبد الله حدثنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مفاتح الغيب خمس: إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس أي أرض تموت إن الله عليم خبير.
مطابقته للترجمة ظاهرة. وعبد العزيز هو ابن عبد الله بن يحيى أبو القاسم القرشي العامري الأوسي والمديني من أفراد البخاري يروي عن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه عبد الله بن عمر بن الخطاب.
والحديث أخرجه النسائي في النعوت عن عبيد الله بن فضالة ومر في الاستسقاء من حديث عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر، رضي الله تعالى عنهم. ومر الكلام فيه هناك.
2 ((باب قوله: * (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم) * (الأنعام: 65) الآية)) أي: هذا باب في قوله تعالى: * (قل هو القادر) * الآية. أي: قل يا محمد الله القادر على بعث العذاب عليكم من فوقكم كالحجارة التي أرسلت على قوم لوط وكالماء المنهمر الذي نزل لإغراق قوم نوح عليه الصلاة والسلام، وكالحجارة التي أرسلت على أصحاب الفيل، ومن تحت أرجلكم كالخسف بقارون وإغراق آل فرعون. وقيل: من فوقكم من أكابركم وسلاطينكم ومن تحت أرجلكم من سفلتكم وعبيدكم، وقيل: من فوقكم حبس المطر ومن تحت أرجلكم منع النبات.
يلبسكم يخلطكم من الالتباس يلبسوا يخلطوا أشار به إلى قوله تعالى: * (أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض) * وفسر يلبسكم بقوله يخلطكم، ونبه على أن مادته من مادة الالتباس، لأن ثلاثيه من لبس يلبس من باب علم يعلم.
شيعا فرقا أشار به إلى قوله: * (أو يلبسكم شيعا) * وفسر الشيع بالفرق جمع فرقة، وفي التفسير قوله تعالى: * (أو يلبسكم شيعا) * أي ليجعلكم ملتبسين شيعا فرقا متخالفين. وقال الوالي عن ابن عباس: يعني الأهواء وكذا قال مجاهد وغير واحد، وقد ورد في الحديث المروي من طرق عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة).
4628 ح دثنا أبو النعمان حدثنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن جابر رضي الله عنه قال لما نزلت هاذه الآية قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم قال رسول الله
(٢٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 ... » »»