تبسل تفضح أبسلوا: افضحوا أشار به إلى قوله تعالى: * (وذكر أن تبسل نفس بما كسبت) * وفسر لفظ: تبسل بقوله: تفضح، وكذا رواه ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. وقال الضحاك: عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة والحسن والسدي، إن تبسل: أن تفضح، وقال قتادة: تحبس، وقال أبي زيد: تؤاخذ، وقال الكلبي: تجزي، وفي التفسير قوله تعالى: * (وذكر به) * (الأنعام: 70) أي: ذكر الناس بالقرآن وحذرهم نعمة الله وعذابه الأليم يوم القيامة * (أن تبسل نفس بما كسبت) * أي لئلا تبسل. قوله: (أبسلوا)، إشارة إلى قوله تعالى: * (أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا) * أي: أفضحوا بسبب كسبهم، ويروى: فضحوا من الثلاثي على صيغة المجهول.
باسطو أيديهم: البسط الضرب أشار به إلى قوله تعالى: * (والملائكة باسطو أيديهم) * (الأنعام: 93) وقبله: * (ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم ) * وجواب: لو. محذوف تقديره لرأيت عجيبا. قوله: (باسطو أيديهم)، أي: بالضرب، وقيل: بالعذاب، وقيل: بقبض الأرواح من الأجساد ويكون هذا وقت الموت، وقيل: يوم القيامة، وقيل: في النار، وقال الزمخشري: باسطو أيديهم يبسطون إليهم أيديهم يقولون أخرجوا أرواحكم إلينا من أجسادكم، وهذا عبارة عن العنف والإلحاح في الإزهاق. قوله: (البسط الضرب)، تفسير البسط بالضرب غير موجه لأن المعنى البسط بالضرب يعني: الملائكة يبسطون أيديهم بالضرب، كما ذكرنا.
استكثرتم أضللتم كثيرا أشار به إلى قوله تعالى: * (يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس) * (الأنعام: 128) وفسره بقوله: أضللتم كثيرا. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: قد استكثرتم من الإنس بمعنى أضللتم منهم كثيرا. وكذلك قال مجاهد والحسن وقتادة، وعجبي من شراح هذا الكتاب كيف أهملوا تحقيق هذا الموضع وأمثاله، فمنهم من قال هنا قوله استكثرتم أضللتم كثيرا ووصله ابن أبي حاتم كذلك، ومنهم من قال: هو كما قال: ومنهم من لم يذكره أصلا، فإذا وصل قارىء البخاري إلى هذا الموضع ووقف على قوله: استكثرتم أضللتم، ولم يكن القرآن في حفظه حتى يقف عليه ولم يعلم أوله ولا آخره، تحير في ذلك، فإذا رجع إلى شرح من شروح هؤلاء يزداد تحيرا. وشرح البخاري لا يظهر بقوة الحفظ في الحديث أو بعلوا السند أو بكثرة النقل، ولا يخرج من حقه إلا من له يد في الفنون ولا سيما في اللغة العربية والمعاني والبيان والأصول مع تتبع معاني ألفاظه كلمة كلمة، وبيان المراد منه والتأمل فيه والغوص في تيار تحقيقاته والبروز منه بمكنونات تدقيقاته.
ذرأ من الحرث جعلوا لله من ثمراتهم وما لهم نصيبا وللشيطان والأوثان نصيبا.
أشار به إلى قوله عز وجل: * (وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا) * وفسر قوله: ذرأ من الحرث، بقوله: جعلوا لله إلى آخره، وهكذا رواه بن المنذر بسنده عن ابن عباس، وكذلك رواه ابن أبي حاتم عن ابن عباس، وزاد فإن سقط من ثمره ما جعلوا لله في نصيب الشيطان تركوه، وإن سقط مما جعلوه للشيطان في نصيب الله لفظوه.
أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين يعني هل تشتمل إلا على ذكر أو أنثى فلم تحرمون بعضا وتحلون بعضا.
هذا وقع لغير أبي ذر، ولم أنظر نسخة إلا وهذه التفاسير فيها بعضها متقدم وبعضها متأخر وبعضها غير موجود، وفي النسخة التي اعتمادي عليها وقع هنا وأشار به إلى قوله تعالى: * (قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين) * (الأنعام: 144) ثم فسره قوله: يعني هل تشتمل يعني: الأرحام إلا على ذكر أو أنثى، وكان المشركون يحرمون أجناسا من النعم بعضها على الرجال والنساء وبعضها على النساء دون الرجال، فاحتج الله عليهم. قوله: * (قال آلذاكرين من حرم أم الأنثيين) * الآية.