عمدة القاري - العيني - ج ١٨ - الصفحة ٢٢٨
7 ((باب قوله: * (ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن) * (الأنعام: 151)) أي: هذا باب في قوله تعالى: * (ولا تقربوا الفواحش) * الآية اختلف المفسرون في هذه الآية، فعن ابن عباس والحسن والسدي: أنهم قالوا: كانوا يستقبحون فعل الزنى علانية ويفعلونه سرا فنهاهم الله عز وجل عنهما. وقيل: ما ظهر الخمر وما بطن الزنا. قاله الضحاك وقال الماوردي: الظاهر فعل الجوارح، والباطن اعتقاد القلب، وقيل: هي عامة في الفواحش ما أعلن منها ما ظهر وما بطن فعل سرا. وقيل: ما ظهر ما بينهم وبين الخلق، وما بطن ما بينهم وبين الله تعالى، وقيل: ما ظهر العناق والقبلة، وما بطن النية.
4634 ح دثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن عمرو عن أبي وائل عن عبد الله رضي الله عنه قال لا أحد أغير من الله ولذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا شيء أحب إليه المدح من الله ولذلك مدح نفسه قلت سمعته من عبد الله قال نعم قلت ورفعه قال نعم.
مطابقته للترجمة ظاهرة. وعمرو هو ابن مرة المرادي الكوفي الأعمى، وأبو وائل شقيق بن سلمة وعبد الله بن مسعود، رضي الله تعالى عنه.
والحديث أخرجه مسلم في التوبة عن محمد بن المثنى ومحمد بن يسار، وأخرجه الترمذي في الدعوات عن محمد بن يسار، وأخرجه النسائي في التفسير عن محمد بن بشار ومحمد بن المثنى.
قوله: (أغير)، أفعل التفضيل من الغيرة بفتح الغين وهي: الأنفة والحمية. وقال النحاس: هو أن يحمي الرجل زوجته وغيرها من قرابته ويمنع أن يدخل عليهن أو يراهن غير ذي محرم، والغيور ضد الديوث، والقندع، بضم الدال وفتحها: الديوث وفي (الموعب) لابن التياني، رجل غيران من قوم غيارى، وغيارى بفتح الغين وضمها وقال ابن سيده غار الرجل غيرة وغيرا وغارا وغيارا وحكى البكري عن أبي جعفر البصري: غيرة، بكسر الغين، والمغيار الشديد الغيرة، وفلان لا يتغير على أهله أي: لا يغار. وقال الزمخشري: أغار الرجل امرأته إذا حملها على الغيرة، يقال رجل غيور وامرأة غيور هذا كله في حق الآدميين وأما في حق الله فقد جاء مفسرا في الحديث، وغيرة الله تعالى أن يأتي المؤمن ما حرم الله عليه أي: إن غيرته منعه وتحريمه، ولما حرم الله الفواحش، وتواعد عليها وصفه صلى الله عليه وسلم، بالغيرة. وقال صلى الله عليه وسلم: من غيرته أن حرم الفواحش. قوله: (ولذلك)، أي: ولأجل غيرته. قوله: (ولا شيء أحب إليه المدح)، يجوز في: أحب، الرفع والنصب، وهو أفعل التفضيل بمعنى المفعول. وقوله: المدح، بالرفع فاعله، وهو كقولهم: ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل من عين زيد، وحب الله المدح ليس من جنس ما يعقل من حب المدح، وإنما الرب أحب الطاعات ومن جملتها مدحه ليثيب على ذلك، فينتفع المكلف لا لينتفع هو بالمدح، ونحن نحب المدح لننتفع ويرتفع قدرنا في قومنا فظهر من غلط العامة قولهم: إذا أحب الله المدح فكيف لا نحبه نحن؟ فافهم. قوله: (قلت سمعته)، القائل هو عمرو بن مرة يقول لأبي وائل: هل سمعت هذا الحديث من عبد الله بن مسعود؟ ورفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. قال أبو وائل: نعم سمعته منه، ورفعه.
8 ((باب: * (وكيل حفيظ ومحيط به) *)) أشار به إلى قوله تعالى: * (وهو على كل شيء وكيل) * (الأنعام: 102) وفسر لفظ: وكيل: بقوله: حفيظ ومحيط به، وكذا فسره أبو عبيدة، وفي بعض الشروح قوله: (وكيل)، يريد * (لست عليكم بوكيل) * (الأنعام: 66) ونزلت هذه الآية قبل الأمر بالقتال، وأما قوله تعالى: * (تتخذوا من دوني وكيلا) * (الإسراء: 2) فقيل: يكون شريكا. أي: تكون أموركم إليه، وقيل: كفيل وقبيل: كاف قلت: جاء وما أنت عليهم بوكيل. أي: بوكيل على أرزاقهم وأمورهم وما عليك إلا البلاغ. كما في قوله: * (لست عليهم بمسيطر) * (الغاشية: 22) وقال: فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب.
قبلا جمع قبيل والمعنى أنه ضروب للعذاب كل ضرب منها قبيل
(٢٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 ... » »»