عمدة القاري - العيني - ج ١٨ - الصفحة ٢٢١
فالذي حرمتم بأمر معلوم من جهة الله يدل عليه أم فعلتم ذلك كذبا على الله تعالى؟ وقال الفراء: جاءكم التحريم فيما حرمتم من السائبة والبحيرة والوصيلة والحام من قبل الذكرين أم الأنثيين؟ فإن قالوا: من قبل الذكر لزم تحريم كل ذكر أم من قبل الأنثى، فكذلك وإن قالوا: من قبل ما اشتمل عليه الرحم لزم تحريم الجميع لأن الرحم لا يشتمل إلا على ذكر أو أنثى.
أكنة واحدها كنان هذا ثبت لأبي ذر عن المستملي، وهو متقدم في بعض النسخ، وأشار به إلى قوله تعالى: * (أكنة أن يفقهوه) * (الأنعام: 25) وقبله * (ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرأ) * الآية، ثم قال: واحدها أي: أحد أكنة كنان على وزن فعال مثل: أعنة جمع عنان وأسنة جمع سنان وفي التفسير: أكنة أي أغطية لئلا يفهموا القرآن * (وجعلنا في آذانهم وقرأ) * أي: صمما من السماع النافع لهم.
مسفوحا مهراقا أشار به إلى قوله تعالى: * (قل لا أجد فيما أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا) * (الأنعام: 145 وفسر مسفوحا بقوله مهراقا. أي: مصبوبا وقال العوفي عن ابن عباس أو دما مسفوحا يعني مهراقا.
صدف أعرض أشار به إلى قوله: * (فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها) * (الأنعام: 157) الآية. وفسر: صدف. بقوله أعرض، وعن ابن عباس ومجاهد وقتادة، صدف عنها أعرض عنها. أي: عن آيات الله تعالى، وقال السدي: أي صدف عن اتباع آيات الله أي: صرف الناس وصدهم عن ذلك، وقال بعضهم: قوله: (صدف) أعرض قال أبو عبيدة في قوله تعالى: * (ثم هم يصدقون) * (الأنعام: 46) أي يعرضون قلت البخاري لم يذكر إلا لفظ صدف وإن كان معنى يصدقون كذلك فلا بلاد من رعاية المناسبة.
أبلسوا أوبسوا وأبسلوا أسلموا أشار بقوله أبلسوا أوبسوا إلى أن معنى قوله تعالى: * (فإذا هم مبلسون) * (الأنعام: 44) من ذلك. قال أبو عبيدة فيه: المبلس الحزين النادم، وقال الفراء: المبلس المنقطع رجاؤه. قوله: (أوبسوا) على صيغة المجهول كذا وقع في رواية الكشميهني وفي رواية غيره أيسوا على صيغة المعلوم من أيس إذا انقطع رجاؤه قوله: أبسلوا بتقديم السين على اللام وفسره بقوله أسلموا أي: إلى الهلاك وأشار به إلى قوله تعالى: * (أولئك الذين أبسلو بما كسبوا) * (الأنعام: 70) وقد مر هذا عن قريب بغير هذا التفسير.
سرمدا دائما لا مناسبة لذكر هذا هاهنا لأنه لم يقع هذا إلا في سورة القصص في قوله تعالى: * (قل أرأيتم أن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة) * (القصص: 71) سرمدا أي: دائما. وقال الكرماني: ذكره هنا لمناسبة فالق الإصباح وجاعل الليل سكنا. قلت: لم يذكر وجه أكثر هذه الألفاظ المذكورة ولا تعرض إلى تفسيرها وإنما ذكر هذا مع بيان مناسبة بعيدة على ما لا يخفى.
استهوته أضلته أشار به إلى قوله تعالى: * (كالذي استهوته الشياطين) * (الأنعام: 71) وفسره بقوله أضلته وكذا فسره قتادة.
تمترون تشكون أشار به إلى قوله تعالى: * (ثم أنتم تمترون) * (الأنعام: 20) وفسره بقوله: تشكون وكذا فسره السدي.
وقر صمم أشار به إلى قوله تعالى: * (وفي آذانهم وقر) * وفسره بقوله: صمم هذا بفتح الواو عند الجمهور، وقرأ طلحة بن مصرف بكسر الواو.
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 ... » »»