عمدة القاري - العيني - ج ١٨ - الصفحة ٢٢٣
وكذا في رواية النسفي، وفي التفسير: سبحان الله. أي: تقدس وتنزه وتعاظم عما يصفه الجهلة الضالون من الأنداد والنظراء والشركاء.
وإن تعدل تقسط: لا يقبل منها في ذلك اليوم هذا وقع في رواية أبي ذر وحده، وأشار به إلى قوله تعالى: * (وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها) * (الأنعام: 70) وفسر تعدل بقوله: تقسط، بضم التاء من الإقساط، وهو العدل والضمير في: وإن تعدل. يرجع إلى النفس الكافرة المذكورة فيما قبله، وفسر أبو عبيدة العدل بالتوبة. قوله: * (لا يقبل منها في ذلك اليوم) * يعني: يوم القيامة لأن التوبة إنما كانت تنفع في حال الحياة قبل الموت كما قال تعالى: * (إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو اقتدى به) * (آل عمران: 91) الآية.
يقال على الله حسبانه أي حسابه ويقال حسبانا مرامي. ورجوما للشياطين أشار به إلى قوله تعالى: * (والشمس والقمر حسبانا) * (الأنعام: 96) وقال: هو جمع حساب، وفي التفسير: * (والشمس والقمر حسبانا) * أي: يجريان بحساب مقنن مقدر لا يتغير ولا يضطرب. قوله: (على الله حسبانه) أشار به إلى أن حسبانا كما يجيء جمع حساب يجيء أيضا، بمعنى حساب مثل شهبان وشهاب، وكذا فسره بقوله: أي حسابه. قوله: (ويقال: حسبانا مرامي ورجوما للشياطين)، مضى الكلام فيه في كتاب بدء الخلق في: باب صفة الشمس والقمر.
مستقر في الصلب ومستودع في الرحم أشار به إلى قوله تعالى: * (وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع) * (الأنعام: 98) وقد فسر قوله مستقر. بقوله مستقر في الصلب، وقوله: مستودع، بقوله مستودع في الرحم، وكذا روي عن ابن مسعود وطائفة، وعن ابن عباس وأبي عبد الرحمن السلمي وقيس بن أبي حازم ومجاهد وعطاء والنخعي والضحاك وقتادة والسدي وعطاء الخراساني، مستقر في الأرحام مستودع في الأصلاب، وعن ابن مسعود أيضا فمستقر في الدنيا ومستودع حيث يموت، وعن الحسن، والمستقر الذي قد مات فاستقر به عمله، وعن ابن مسعود أيضا مستودع في الدار الآخرة، وعن الطبراني في حديثه المستقر الرحم والمستودع الأرض، وقرأ أبو عمرو وابن كثير، فمستقر، بكسر القاف والباقون بفتحها وقرأ الجميع مستودع، بفتح الدال إلا رواية عن أبي عمرو فبكسرها.
القنوا العذق والإثنان قنوان والجماعة أيضا قنوان مثل صنو وصنوان أشار به إلى قوله تعالى: * (ومن النخل من طلعها قنوان دانية) * (الأنعام: 99) قوله الغدق بكسر العين المهملة وسكون الذال المعجمة وفي آخره قاف، وهو العرجون، بما فيه من الشماريخ، ويجمع على عذاق، والعذق بالفتح النخلة. قوله: * (والاثنان قنوان) * يعني: تثنية القنو قنوان، وكذلك جمع القنو قنوان فيستوي فيه التثنية والجمع في اللفظ ويقع الفرق بينهما بأن نون التثنية مكسورة ونون الجمع تجري عليه أنواع الإعراب، تقول في التثنية، هذان قنوان بالكسر، وأخذت قنوين في النصب وضربت بقنوين في الجر، فألف التثنية تنقلب ياء فيهما، وتقول في الجمع: هذه قنوان بالرفع لأنه لا يتغير في حالة الرفع، وأخذت قنوانا بالنصب وضربت بقنوان بالجر، ولا يتغير فيه الألف أصلا والإعراب يجري على النون، وكذا يقع الفرق في حالة الإضافة فإن نون التثنية تحذف في الإضافة دون نون الجمع قوله: * (مثل صنوان) * يعني: أن تثنية صنو وجمعه كذلك على لفظ واحد، والفرق بما ذكرنا وهو بكسر الصاد المهملة وسكون النون، وهو المثل وأصله أن تطلع نخلتان من عرق واحد. وقرأ الجمهور: قنوان بكسر أوله وقرأ الأعمش والأعرج بضمها، وهي رواية عن أبي عمرو، وهي لغة قيس.
1 ((باب: * (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو) * (الأنعام: 59)) أي: هذا باب في قوله عز وجل: * (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو) * أي: وفي علم الله مفاتح ما لا يعلم من الأمور، والمفاتح جمع
(٢٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 ... » »»