عمدة القاري - العيني - ج ١٨ - الصفحة ٢٠٩
(الأزلام)، جمع زلم، بفتح الزاي واللام، وجاء فيه ضم الزاي. قوله: (القداح)، جمع قدح، بكسر القاف وسكون الدال، وهو السهم الذي كانوا يستقسمون به أو الذي يرمى به عن القوس، يقال للسهم أول ما يقطع قطع، ثم ينحت ويبرى فيسمى: بريا ثم يقوم فيسمى، قدحا، ثم يراش ويركب نصله فيسمى سهما. قوله: (يستقسمون بها) من الاستسقام وهو طلب القسم الذي قسم له وقدر مما لم يقدر، وهو استفعال منه، وكانوا إذا أراد أحدهم سفرا أو تزويجا أو نحو ذلك من المهمات ضرب بالأزلام، وهي القداح، وكان على بعضها مكتوب أمرني ربي، وعلى الآخر: نهاني ربي، وعلى الآخر: غفل، فإن خرج أمرني ربي، مضى لشأنه، وإن خرج: نهاني أمسك، وإن خرج الغفل عادا أحالها وضرب بها أخرى إلى أن يخرج الأمر أو النهي قلت: الغفل، بضم الغين المعجمة وسكون الفاء، وقال ابن الأثير: هو الذي لا يرجى خيره ولا شره، والمراد هنا الخالي عن شيء، وذكر ابن إسحاق، أن أعظم أصنام قريش كان هبل، وكان في جوف الكعبة وكانت الأزلام عنده يتحاكمون فيما أشكل عليهم فيما خرج منها رجعوا إليه.
والنصب أنصاب يذبحون عليها هذا أيضا من قول ابن عباس، وصله ابن أبي حاتم من طريق عطاء عن ابن عباس. قوله: (والنصب)، بضم النون والصاد وسكونها: مفرد جمعه أنصاب. وقال ابن الأثير النصب حجر كانوا ينصبونه ويذبحون عليه فيحمر بالدم، ويقال: الأنصاب أيضا جمع نصب، بفتح النون وسكون الصاد، وهي الأصنام.
وقال غيره الزلم القدح لا ريش له وهو واحد الأزلام أي: قال غير ابن عباس: (الزلم) بفتحتين هو (القدح الذي لا ريش له) وقد مر الكلام فيه عن قريب قوله: (وأحد الأزلام) أي: الزلم مفرد وجمعه أزلام، وفي الحقيقة لا فرق بين هذا القول وبين قول ابن عباس الذي مضى، غير أن ابن عباس لم يذكر في كلامه مفرد؟ الأزلام، وفي القول ذكر المفرد ثم الجمع.
والاستسقام أن يجيل القداح فإن نهته انتهى وإن أمرته فعل ما تأمره أشار به إلى تفسير قول ابن عباس: يستقسمون بها في الأمور، وهو مشتق من الاستقسام، وهو أن يجيل القداح فإن طلع القدح الذي عليه النهي انتهى وترك، وإن طلع الذي عليه الأمر ائتمر وفعل، وقد مر بيانه عن قريب.
يجيل يدير أشار به إلى أن معنى قوله: يجيل يدير من الإجالة بالجيم وهي الإدارة، وهذا ما ثبت إلا في رواية أبي ذر.
وقد أعلموا القداح أعلاما بضروب يستسقمون بها أي: الجاهلية أعلموا القداح لضروب أي: لأنواع من الأمور يطلبون بذلك بيان قسمهم من الأمر أو النهي.
وفعلت منه قسمت والقسوم المصدر أشار به إلى أن من أراد أن يخبر عن نفسه من لفظ الاستسقام يقول: قسمت، بضم التاء، وأشار بقوله والقسوم المصدر إلى أن مصدر قسمت الذي هو إخبار عن نفسه من الثلاثي المجرد يأتي قسوما على وزن فعولا، وقد جاء لفظ القسوم في قول الشاعرة:
ولم أقسم فتحبسني القسوم ولكن الاحتجاج بهذا على أن لفظ القسوم مصدر فيه نظر لأنه يحتمل أن يكون جمع قسم، بكسر القاف.
138 - (حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا محمد بن بشر حدثنا عبد العزيز بن عمر ابن عبد العزيز قال حدثني نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال نزل تحريم الخمر وإن
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»