أشار به إلى قوله تعالى: * (إذا قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي) * (آل عمران: 55) ولكن هذا في سورة آل عمران، وكان المناسب أن يذكر هناك، وقال بعضهم: كأن بعض الرواة ظنها من سورة المائدة فكتبها فيها وقال الكرماني: ذكر هذه الكلمة هاهنا وإن كانت من سورة آل عمران لمناسبة قوله تعالى: * (فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم) * (المائدة: 117) وكلاهما من قصة عيسى عليه الصلاة والسلام، قلت: هذا بعيد لا يخفى بعده، والذي قاله بعضهم أبعد منه فليتأمل، ثم إن تعليق ابن عباس هذا رواه ابن أبي حاتم عن أبيه: حدثنا أبو صالح حدثنا معاوية عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.
4623 ح دثنا موسى بن إسماعيل حدثنا إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب قال البحيرة التي يمنع درها للطواغيت فلا يحلبها أحد من الناس والسائبة كانوا يسيبونها لآلهتهم لا يحمل عليها شيء.
مطابقته للترجمة ظاهرة. ورجاله قد ذكروا غير مرة خصوصا على هذا النسق.
وهذا أخرجه مسلم في صفة أهل النار عن عمرو الناقد وغيره، وأخرجه النسائي في التفسير عن محمد بن عبد الله المرفوع منه دون الموقوف.
قوله: (البحيرة) على وزن فعيلة مفعولة واشتقاقها من بحر إذا شق، وقيل هذا من الاتساع في الشيء. قوله: (درها)، بفتح الدال المهملة وتشديد الراء، وهو اللبن. قوله: (للطواغيت)، أي: لأجل الطواغيت وهي الأصنام، وقال ابن الأثير: كانوا إذا ولدت إبلهم سبعا بحروا أذنها. أي: شقوها. وقالوا: اللهم إن عاش ففتى وإن مات فذكى، فإذا مات أكلوه وسموه البحيرة. وقيل: البحيرة هي بنت السائبة، وقال أبو عبيدة جعلها قوم من الشاء خاصة إذا ولدت خمسة أبطن بحروا أذنها أي: شقوها وتركت ولا يمسها أحد، وقال آخرون: بل البحيرة الناقة كذلك يخلوا عنها فلم تركب ولم يضربها فحل، وقال علي بن أبي طلحة البحيرة هي الناقة إذا أنتجت خمسة أبطن نظروا إلى الخامس، فإن كان ذكرا ذبحوه وأكله الرجال دون النساء، وإن كان أنثى جذعوا أذنها فقالوا هذه بحيرة، وعن السدي مثله. قوله: (فلا يحلبها أحد من الناس)، أطلق نفي الحلب، وكلام أتى عبيدة يدل على أن المنفي هو الشرب الخاص. قال أبو عبيدة: كانوا يحرمون وبرها ولحمها وظهرها ولبنها على النساء ويحلون ذلك للرجال، وما ولدت فهو بمنزلتها وإن ماتت اشترك الرجال والنساء في أكل لحمها. قوله: (والسائبة)، على وزن فاعلة بمعنى مسيبة، وهي المخلاة تذهب حيث شاءت وكانوا يسيبونها لآلهتهم فلا يحمل عليها شيء، وقال أبو عبيدة: كانت السائبة من جميع الأنعام وتكون من النذور للأصنام فتسيب فلا تحبس عن مرعى ولا عن ماء ولا يركبها أحد، قال: وقيل: السائبة لا تكون إلا من الإبل كان الرجل ينذر إن برئ من مرضه أو قدم من سفره ليسيبن بعيرا. وقال محمد بن إسحاق السائبة هي الناقة إذا ولدت عشرة إناث من الولد ليس بينهن ذكر سيبت فلم تركب ولم يجز وبرها ولم يجلب لبها إلا لضيف.
قال وقال أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت عمرو بن عامر الخزاعي يجر قصبة في النار كان أول من سيب السوائب.
أي: قال سعيد بن المسيب: قال أبو هريرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى آخره. هذا حديث مرفوع أورده في أثناء الموقوف. قوله: (عمرو بن عامر)، قال الكرماني: تقدم في: باب إذا انفلتت الدابة في الصلاة ورأيت فيها عمرو بن لحي، بضم اللام وفتح المهملة، وهو الذي سيب السوائب. ثم قال: لعل عامر اسم ولحي لقب أو بالعكس أو أحدهما اسم الجد. قلت: ذكر في (التوضيح) إنما هو عمرو بن لحي، ولحي اسمه: ربيعة بن حارثة بن عمرو مزيقيا بن عامر ماء السماء، وقيل: لحي بن قمعة ابن الياس بن مضر، نبه عليه الدمياطي، وفي (تفسير ابن كثير) وعمر وهذا هو ابن لحي بن قمعة أحد رؤساء خزاعة الذين ولوا البيت بعد جرهم، وكان أول من غير دين إبراهيم الخليل، عليه السلام، فأدخل الأصنام إلى الحجاز ودعا الرعاع من الناس إلى عبادتها والتقرب بها، وشرع لهم هذه الشرائع الجاهلية في الأنعام وغيرها. قوله: (قصبه)، بضم القاف، واحدة الأقصاب.