عمدة القاري - العيني - ج ١٨ - الصفحة ١٧٩
4588 ح دثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن ابن أبي مليكة أن ابن عباس تلا * (إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان) * (النساء: 98) قال كنت أنا وأمي ممن عذر الله.
هذا طريق آخر لحديث ابن عباس أخرجه عن سليمان بن حرب ضد الصلح. عن حماد بن زيد عن أيوب السختياني عن عبد الله عن عبيد الله بن أبي مليكة، بضم الميم، واسمه زهير الأحول القاضي المكي. قوله: (أن ابن عباس تلا)، وفي رواية المستملي، عن ابن عباس أنه تلا يعني: قرأ. قوله: (إلا المستضعفين)، إلى آخره. قوله: (ممن عذر الله) أي: ممن جعلهم من المعذورين المستضعفين.
ويذكر عن ابن عباس حصرت ضاقت أشار به إلى تفسير: حصرت. في قوله تعالى: * (حصرت وهم صدورهم) * (النساء: 90) وفسره بقوله: (ضاقت). وهذا التعليق وصله ابن أبي حاتم في تفسيره عن حديث علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وحكى الفراء عن الحسن أنه قرأ: (أحصرت صدورهم)، بالرفع وقال بعضهم: على هذا خبر بعد خبر. قلت:
ليس كذلك، بل هو خبر مبتدأ محذوف تقديره: أو جاؤكم حصرت صدورهم، أي: ضيقة منقبضة وقرئ: حصرات، صدوهم، وحاصرت، وقال الزمخشري: وجعله المبرد صفة المحذوف. أي: أو جاؤكم قوما حصرت صدورهم وروى ابن أبي حاتم من طريق مجاهد أنها نزلت في هلال بن عويمر الأسلمي، وكان بينه وبين المسلمين عهد وقصده ناس من قومه فكره أن يقاتل المسلمين وكره أن يقاتل قومه، وفي (تفسير ابن كثير) وهؤلاء قوم من المستثنين من الأمر بقتالهم، وهم الذين يجيئون إلى المصاف وهم حصرت صدورهم مبغضين أن يقاتلوكم ولا يهون عليهم أيضا أن يقاتلوهم معكم، بل هم لا لكم ولا عليكم.
تلووا ألسنتكم بالشهادة أشار به إلى ما في قوله تعالى: * (وأن تلووا أو تعرضوا) *، ونقل هذا التفسير أيضا ابن عباس. قال ابن المنذر، حدثنا زكريا حدثنا أحمد بن نصر حدثنا عبد الله بن صالح حدثني معاوية عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس بلفظ: (وأن تلووا وتعرضوا) يعني: إن تلووا ألسنتكم بالشهادة أو تعرضوا عنها، وقرأ حمزة وابن عامر: وإن تلوا، بواو واحدة ساكنة ويكون على هذا من الولاية. وقال أبو عبيدة، وليس للولاية هنا معنى، وأجاب الفراء بأنها بمعنى اللبي كقراءة الجماعة إلا أن الواو المضمومة قلبت همزة ثم سهلت. وقال الفارسي: إنها على بابها من الولاية، والمراد، وإن وليتم إقامة الشهادة.
وقال غيره المراغم المهاجر راغمت هاجرت قومي أي: وقال غير ابن عباس لفظ المراغم في قوله تعالى: * (ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة) * وكأنه أراد بالغير: أبا عبيدة، فإن هذا لفظه حيث قال: المراغم والمهاجر واحد. تقول: هاجرت قومي وراغمت قومي، وقال الزمخشري: مراغما مهاجرا وطريقا يراغم بسلوكه قومه أي: يفارقهم على رغم أنوفهم، والرغم الذل والهوان وأصله لصوق الأنف بالرغام وهو التراب، يقال: راغمت الرجل إذا فارقته وهو يكره مفارقتك، وفي (تفسير ابن كثير) المراغم مصدر تقول العرب، راغم فلان قومه مراغما ومرغمة، وقال ابن عباس المراغم المتحول من أرض إلى أرض، وكذا روي عن الضحاك والربيع بن أنس والثوري، وقال مجاهد: مراغما يعني متزحزحا عما يكره.
موقوتا مؤقتا وقته عليهم هذا لم يقع في رواية أبي ذر، وهو تفسير أبي عبيدة أيضا في قوله تعالى: * (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) * قوله: (وقته) أي: وقته الله عليهم. وروى ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: (موقوتا) قال مفروضا.
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 ... » »»