عمدة القاري - العيني - ج ١٨ - الصفحة ١٨٤
القاتل يوم القيامة فإنه حق من حقوق الآدميين وهو لا يسقط بالتوبة فلا بد من أدائه وإلا فلا بد من المطالبة يوم القيامة، ولكن لا يلزم من وقوع المطالبة المجازاة، وقد يكون للقاتل أعمال صالحة تصرف إلى المقتول أو بعضها. ثم يفضل له أجر يدخل به الجنة، أو يعوض الله المقتول من فضله بما يشاء من قصور الجنة ونعيمها ورفع درجته ونحو ذلك، والله أعلم.
17 ((باب: * (ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا) * (النساء: 94)) أي: هذا باب في قوله تعالى: * (ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام) * وأوله: * (يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا) * الآية قوله: (إذا ضربتم) أي: سرتم قوله: (فتبينوا) أي: الأمر قبل الإقدام عليه، وقرئ فتثبتوا من الثبات وترك الاستعجال، أي: قفوا حتى تعرفوا المؤمن من الكافر، ويجيء الآن تفسير السلم. قوله: (مؤمنا) قرأ الجمهور بضم الميم الأولى وكسر الثانية. وقرأ علي وابن عباس وعكرمة وأبو العالية ويحيى بن معمر وأبو جعفر بفتح الميم الثانية وتشديدها، اسم مفعول من أمته.
السلم والسلم والسلام واحد السلم بكسر السين وسكون اللام، والسلم بفتح السين. قوله: (واحد) يعني في المعنى، وقراءة نافع وحمزة السلم بغير ألف، وقراءة الباقين بثبوتها.
4591 ح دثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان عن عمرو عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا قال قال ابن عباس كان رجل في غنيمة له فلحقه المسلمون فقال السلام عليكم فقتلوه وأخذوا غنيمته فأنزل الله في ذالك إلى قوله عرض الحياة الدنيا تلك الغنيمة قال قرأ ابن عباس السلام.
مطابقته للترجمة ظاهرة. وعلي بن عبد الله هو الذي يقال له ابن المديني، وسفيان هو ابن عيينة، وعمرو هو ابن دينار، وعطاء هو ابن أبي رباح.
والحديث أخرجه مسلم في آخر الكتاب عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره. وأخرجه أبو داود في الحروف عن محمد بن عيسى وأخرجه النسائي في السير وفي التفسير عن محمد بن عبد الله بن يزيد.
قوله: (في غنيمة)، بضم الغين المعجمة وفتح النون تصغير غنم، لأن الغنم اسم مؤنث موضوع للجنس، يقع على الذكور وعلى الإناث فإذا صغرتها ألحقتها الهاء فقلت: غنيمة، لأن أسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها إذا كانت لغير الآدميين فالتأنيث لها لازم، وفي رواية أحمد ومن طريق عكرمة عن ابن عباس. قال: مر رجل من بني سليم بنفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يسوق غنماله، فسلم عليهم فقالوا: ما سلم علينا إلا ليعوذ منا، فعمدوا إليه فقتلوه وأتوا بغنمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت الآية: * (يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا) * ورواه الترمذي عن عبد بن حميد عن عبد العزيز بن أبي رزمة عن إسرائيل به.
وفي سبب نزول هذه الآية اختلاف، فذكر الواحدي عن سعيد بن جبير، أن المقداد بن الأسود خرج في سرية فمروا برجل في غنيمة له، فأردوا قتله فقال: لا إلاه إلا الله، فقتله المقداد. وعن ابن أبي حدرد، قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، في سرية إلى أضم، قبل مخرجه إلى مكة، فمر بنا عامر بن الأضبط الأشجعي فحيانا بتحية الإسلام، فرعبنا منه، فحمل عليه محلم بن جثامة لشيء كان بينه وبينه في الجاهلية فقتله واستلبه، وانتهينا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرناه بخبره، فنزلت وقال الواحدي: وذكر السدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعث أسامة بن زيد على سرية فلقي مرداس بن نهيك الضمري فقلته، وكان من أهل فدك ولم يسلم من قومه غيره، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هلا شققت عن قلبه)؟ فنزلت وقال ابن جرير: حدثنا وكيع حدثنا جرير عن ابن إسحاق عن نافع عن ابن عمر
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»