عمدة القاري - العيني - ج ١٨ - الصفحة ١٦٨
بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا) * وأول الآية: * (يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا) * وأن مصدرية. قوله: (كرها) مصدر في موضع الحال، وقرأ حمزة والكسائي بضم الكاف، ومعنى العضل يأتي عن قريب. قوله: (بفاحشة) قال ابن مسعود وابن عباس: هي الزنى، يعني: إذا زنت فللزوج أن يسترجع الصداق الذي أعطاها ويضاجرها حتى تترك له، وبه قال سعيد بن المسيب والشعبي والحسن البصري ومحمد بن سيرين وسعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة والضحاك وعطاء الخراساني وأبو قلابة والسدي وزيد بن أسلم وسعيد بن أبي هلال. وعن ابن عباس: الفاحشة المبينة النشوز والعصيان، وحكي ذلك أيضا عن الضحاك وعكرمة، واختار ابن جرير أنه أعم من الزنى والنشوز وبذاء اللسان وغير ذلك.
ويذكر عن ابن عباس لا تعضلوهن لا تقهروهن هذا وصله أبو محمد الرازي عن أبيه. حدثنا أبو صالح كاتب الليث حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وفي رواية الكشميهني لا تعضلوهن لا تنهروهن من الانتهار، وهي رواية القابسي أيضا، وقال بعضهم: هذه الرواية وهم، والصواب ما عند الجماعة. قلت: لا يدري ما وجه الصواب هنا ومعنى الانتهار لا يخلو عن معنى القهر على ما لا يخفى.
حوبا إثما أشار به إلى ما في قوله عز وجل: * (ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم أنه كان حوبا كبيرا) * فسر حوبا بقوله: إثما ووصله ابن أبي حاتم بإسناد صحيح عن داود بن هند عن عكرمة عن ابن عباس. في قوله تعالى: * (إنه كان حوبا كبيرا) *. قال: إثما عظيما وعن مجاهد والسدي والحسن وقتادة مثله، وقرأ الحسن بفتح الحاء والجمهور على الضم.
تعولوا تميلوا أشار به إلى ما في قوله تعالى: * (فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى أن لا تعولوا) * (النساء: 3) وفسر قوله: * (أن لا تعولوا) * بحذف: أن بقوله: تميلوا، وفسره جماعة نحوه، وأسنده ابن المنذر في تفسيره عن ابن عباس وذكر نحوه مرفوعا وقال: أن معناه تجور واو فسره الشافعي بقوله: لا يكثر عيالكم، وأنكره المبرد، ووجه إنكاره أنه لو كان معناه نحو ما قاله الشافعي لكان قال: أن لا تعيلوا من أعال وهو من الثلاثي المزيد فيه، والذي في الآية من الثلاثي المجرد.
نحلة النحلة المهر أشار به إلى ما في قوله تعالى: * (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) * (النساء: 4) وفسرها بقوله: المهر، وفي رواية أبي ذر، (فالنحلة المهر) بالفاء، وقال الإسماعيلي: إن كان هذا التفسير من البخاري ففيه نظر وقد قيل فيه غير ذلك، وأقرب الوجوه، أن النحلة ما يعطونه من غير عوض، ورد عليه بأن ابن أبي حاتم والطبري قد رويا من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: * (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) * قال: النحلة المهر، وقال: قاتل وقتادة وابن جريج، نحلة أي: فريضة مسماة. وقال ابن دريد: النحلة في كلام العرب الواجب. تقول لا ينكحها إلا بشيء واجب لها، وليس ينبغي لأحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينكح امرأة إلا بصداق واجب، ولا ينبغي أن يكون تسمية الصداق كذبا بغير حق. قوله: (وآتوا النساء صدقاتهن)، الخطاب الناكحين. أي: أعطوا النساء مهورهن، والصدقات جمع صدقة، بفتح الصاد وضم الدال. وهي لغة أهل الحجاز وتميم تقول: صدقة، بضم الصاد وسكون الدال فإذا جمعوا يقولون: صدقات بضم الصاد وسكون الدال ويضمها أيضا. مثل: ظلمات، وانتصاب نحلة على المصدر لأن النحلة الإيتاء بمعنى الإعطاء أو على الحال من المخاطبين أي: آتوهم صدقاتهن ناحلين طيبي النفوس بالإعطاء أو من الصدقات أي: منحولة معطاة عن طيب الأنفس.
4579 ح دثنا محمد بن مقاتل حدثنا أسباط بن محمد حدثنا الشيباني عن عكرمة عن ابن عباس قال الشيباني وذكره أبو الحسن السوائي ولا أظنه ذكره إلا عن ابن عباس * (يا أيها
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»