عمدة القاري - العيني - ج ١٧ - الصفحة ١٦٧
وأمر عليهم عاصم بن ثابت وهو جد عاصم بن عمر بن الخطاب فانطلقوا حتى إذا كان بين عسفان ومكة ذكروا لحي من هذيل يقال لهم بنو لحيان فتبعوهم بقريب من مائة رام فاقتصوا آثارهم حتى أتوا منزلا نزلوه فوجدوا فيه نوي تمر تزودوه من المدينة فقالوا هاذا تمر يثرب فتبعوا آثارهم حتى لحقوهم فلما انتهى عاصم وأصحابه لجؤا إلى فدفد وجاء القوم فأحاطوا بهم فقالوا لكم العهد والميثاق إن نزلتم إلينا أن لا نقتل منكم رجلا فقال عاصم أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر أللهم أخبر عنا نبيك فقاتلوهم حتى قتلوا عاصما في سبعة نفر بالنبل وبقي خبيب وزيد ورجل آخر فأعطوهم العهد والميثاق فلما أعطوهم العهد والميثاق نزلوا إليهم فلما استمكنوا منهم حلوا أوتار قسيهم فربطوهم بها فقال الرجل الثالث الذي معهما هاذا أول الغدر فأبى أن يصحبهم فجرروه وعالجوه على أن يصحبهم فلم يفعل فقتلوه وانطلقوا بخبيب وزيد حتى باعوهما بمكة فاشترى خبيبا بنو الحارث بن عامر بن نوفل وكان خبيب هو قتل الحارث يوم بدر فمكث عندهم أسيرا حتى إذا أجمعوا قتله استعار موساى من بعض بنات الحارث ليستحد بها فأعارته قالت فغفلت عن صبي لي فدرج إليه حتى أتاه فوضعه على فخذه فلما رأيته فزعت فزعة عرف ذااك مني وفي يده الموساى فقال أتخشين أن أقتله ما كنت لافعل ذالك إن شاء الله وكانت تقول ما رأيت أسيرا قط خيرا من خبيب لقد رأيته يأكل من قطف عنب وما بمكة يومئذ ثمرة وإنه لموثق في الحديد وما كان إلا رزق رزقه الله فخرجوا به من الحرم ليقتلوه فقال دعوني أصلي ركعتين ثم انصرف إليهم فقال لولا أن تروا أن ما بي جزع من الموت لزدت فكان أول من سن الركعتين عند القتل هو ثم قال أللهم أحصهم عددا ثم قال:
* ما أبالي حين أقتل مسلما * على أي شق كان لله مصرعي * * وذلك في ذات الإلاه وإن يشأ * يبارك على أوصال شلو ممزع * ثم قام إليه عقبة بن الحارث فقتله وبعثت قريش إلى عاصم ليؤتوا بشيء من جسده يعرفونه وكان عاصم قتل عظيما من عظمائهم يوم بدر فبعث الله عليه مثل الظلة من الدبر فحمته من رسلهم فلم يقدروا منه على شيء.
مطابقته للترجمة ظاهرة. وهذا الحديث قد مر في كتاب الجهاد في: باب هل يستأسر الرجل؟ فإنه أخرجه هناك عن أبي اليمان عن شعيب عن الزهري الخ، ثم أخرجه أيضا في أثناء أبواب غزوة بدر عن موسى بن إسماعيل عن إبراهيم عن ابن شهاب... إلخ، وقد مر الكلام فيه هناك، ولنتكلم على بعض شيء أيضا.
قوله: (عن عمرو بن سفيان) عمرو، بفتح العين، هكذا تقدم في الجهاد: عمرو بن أبي سفيان بن أسيد بن جارية الثقفي، وهو حليف لبني زهرة، وكان من أصحاب أبي هريرة، وإبراهيم ابن سعد يقول: عن الزهري عن عمر، بضم العين، واختلفوا فيه فقال البخاري في (تاريخه): عمرو أصح. قوله: (سرية) وفي رواية الكشميهني: بسرية، بزيادة باء موحدة في أوله، وقد مضى فيما تقدم في غزوة بدر: بعث عشرة عينا أي: يتجسسون له، وفي رواية
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 ... » »»