عمدة القاري - العيني - ج ١٧ - الصفحة ١١٦
4018 حدثني إبراهيم بن المنذر حدثنا محمد بن فليح عن موساى بن عقبة قال ابن شهاب حدثنا أنس بن مالك أن رجالا من الأنصار استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا ائذن لنا فلنترك لابن أختنا عباس فداءه قال والله لا تذرون منه درهما. (انظر الحديث 2537 وطرفه).
ذكره هنا لأجل قوله: (أن رجالا من الأنصار) لأنهم كانوا بدريين. وإبراهيم بن المنذر بن عبد الله أبو إسحاق الحزامي المديني، ومحمد بن فليح، بضم الفاء وفتح اللام وسكون الياء آخر الحروف وبالحاء المهملة.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في العتق وفي الجهاد.
قوله: (فلنترك)، مضارع بنون الجمع مجزوم لأن التقدير: إن تأذن فلنترك، واللام فيه للتأكيد. وقال بعضهم: فلنترك، بصيغة الأمر واللام للمبالغة. قلت: هذا خطأ محض لا يقوله من مس شيئا من علم الصرف، وقد غر هذا القائل قول الكرماني: فإن قلت: الإذن سبب للترك أو لأمرهم أنفسهم بالترك؟ قلت: الترك بلفظ الأمر مبالغة كأنهم تأمرهم أنفسهم بذلك، ولو صحت الرواية بالنصب فهو في تقدير الخبر للمبتدأ المحذوف أي: فالإذن للترك، انتهى وفيه تعسف لا يخفى. قوله: (لابن أختنا عباس)، وكان عباس من جهة الأم قريبا للأنصار، كذا قاله الكرماني وسكت عليه، وأم العباس وهو ابن عبد المطلب ليست من الأنصار، بل جدته أم عبد المطلب هي الأنصارية، فأطلق على جدة العباس: أختنا، لكونها منهم وعلى العباس ابنها لكونها جدته، وأم العباس وضرار نثيلة، بضم النون وفتح الثاء المثلثة وسكون الياء آخر الحروف وفتح اللام: بنت جناب، بالجيم والنون: ابن حبيب بن مالك بن عمرو بن عامر الضحيان الأصغر بن زيد مناة بن عامر الضحيان الأكبر بن سعد بن الخزرج بن تيم الله بن النمر، قاله أبو عبيدة، وقال ابن الزبير: اسمها نثلة، بفتح النون وسكون الثاء المثلثة: بنت جناب... إلى آخره، وأم عبد المطلب سلمى بنت عمرو بن زيد بن لبيد بن حرام بن خداش بن خندف بن عدي بن النجار، وكان هاشم والد عبد المطلب لما مر بالمدينة نزل على عمرو بن زيد المذكور وكان سيد قومه فأعجبته ابنته سلمى فخطبها إلى أبيها وزوجها منه. قوله: (عباس)، بالجر لأنه عطف بيان من: ابن أختنا. قوله: (فداءه)، منصوب على أنه مفعول: فلنترك وروى ابن عائذ في المغازي من طريق مرسل: أن عمر، رضي الله تعالى عنه، لما ولي وثاق الأسرى شدوا وثاق العباس، فسمعه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يئن فلم يأخذه النوم، فبلغ الأنصار فأطلقوا العباس، فكان الأنصار لما فهموا رضا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بفك وثاقه سألوه أن يتركوا له الفداء طلبا لتمام رضاه فلم يجبهم إلى ذلك. وأخرج ابن إسحاق من حديث ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا عباس إفد نفسك وابن أخويك عقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحارث، وحليفك عتبة بن عمرو فإنك ذو مال قال: إني كنت مسلما، ولكن القوم استكرهوني، قال: الله أعلم بما تقول إن يك ما تقول حقا فإن الله يجزيك، ولكن ظاهر الأمر أنك كنت علينا، وذكر موسى بن عقبة أن فداءهم كان أربعين أوقية ذهبا، وعند أبي نعيم في (الدلائل) بإسناد حسن من حديث ابن عباس: كان فداء كل واحد أربعين أوقية، فجعل على العباس مائة أوقية، وعلى عقيل ثمانين، فقال له العباس أللقرابة صنعت هذا؟ قال: فأنزل الله تعالى: * (يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى) * (الأنفال: 70). الآية، فقال العباس: وددت لو كنت أخذ مني أضعافها، لقوله تعالى: * (يؤتكم خيرا مما أخذ منكم) * (الأنفال: 70). قوله: (لا تذرون) بفتح الذال المعجمة، أي: لا تتركون من الفداء (درهما واحدا) وزاد الكشميهني في رواية: (لا تذرون له) أي: للعباس، وأمات العرب ماضي هذه المادة فلم يقولوا: وذر، وكذا ماضي: يدع، إلا في قراءة: ما ودعك، بالتخفيف.
4019 حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن الزهري عن عطاء بن يزيد عن عبيد الله بن عدي عن المقدار بن الأسود ح وحدثني إسحاق حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد حدثنا ابن أخي ابن شهاب عن عمه قال أخبرني عطاء بن يزيد الليثي ثم الجندعي أن عبيد الله بن عدي
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»