عمدة القاري - العيني - ج ١٦ - الصفحة ٧٣
ابن دريد: الفهر الحجر الأملس يملأ الكف، وهو مؤنث، وقال أبو ذر الهروي: يذكر ويؤنث، وقال السهيلي: الفهر من الحجارة الطويل، وكنية فهر أبو غالب وهو جماع قريش، وقال ابن هشام: النضر هو قريش، فمن كان من ولده فهو قريشي، ومن لم يكن من ولده فليس بقريشي، وهذا قول الجمهور لحديث الأشعث بن قيس أنه قال: أتيت رسول الله، صلى الله عليه وسلم في وفد من كندة، قال: فقلت: يا رسول الله! إنا نزعم أنكم منا! قال: فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (نحن بنو النضر بن كنانة لا نقفوأ منا ولا ننتفي من أبينا). قال: فقال الأشعث بن قيس: فوالله لا أسمع أحدا نفى قريشا من النضر بن كنانة إلا جلدته الحد. رواه الإمام أحمد وابن ماجة. قوله: (لا نقفوأ منا) من قولهم: قفوت الرجل إذا قذفته صريحا، وقفوت الرجل أقفوه قفوا إذا رميته باسم قبيح، وقيل: قصي هو قريش، وقال عبد الملك بن مروان: سمعت أن قصيا كان يقال له قريش، ولم يسم أحد قريشا قبله، والقولان الأولان حكاهما غير واحد من أئمة علم النسب كأبي عمر بن عبد الله والزبير بن بكار ومصعب وأبي عبيدة، والصحيح الذي عليه الجمهور: هو النضر، وقيل الصحيح: هو فهر.
النوع الثاني: في وجه التسمية بقريش، وفيه خمسة عشر قولا. الأول: أنه من التقرش وهو التكسب والتجارة، وكانت قريس يتقرشون في البياعات، وهذا قاله ابن هشام. الثاني: ما قاله ابن إسحاق: إنما سميت قريش قريشا لتجمعها من تفرقها، يقال للتجمع: التقرش. الثالث: ما قاله ابن الكلبي: كان النضر يسمى قريشا لأنه كان يقرش عن خلة الناس وحاجاتهم فيسدها، وكان بنوه يقرشون أهل الموسم، أي: يفتشون عن حاجاتهم فيرفدونهم بما يبلغهم إلى بلادهم. الرابع: أن لفظ قريش تصغير قرش، وهو دابة في البحر لا تمر بشيء من الغث والسمين إلا أكلته، قاله ابن عباس، رواه البيهقي. الخامس: أنه جاء النضر بن كنانة في ثوب له مجتمعا، قالوا: قد تقرش في ثوبه. السادس: أنه جاء إلى قومه فقالوا: كأنه جمل قريش، أي: شديد. السابع: قاله الزهري: إنه نبذته أمه بقريش، كما ذكرناه. الثامن: قاله الزبير: سمي نضر قريشا برجل يقال له: قريش بن بدر بن مخلد بن النضر، كان دليل بني كنانة في تجاراتهم. التاسع: ما قيل: إن قصيا قرشها أي جمعها فسمي قريشا ومجمعا أيضا. العاشر: سميت قريش بذلك لتجمعهم في الحرم. الحادي عشر: من تقرش الرجل إذا تنزه عن مدانس الأمور. الثاني عشر: من تقارشت الرماح إذا تداخلت في الحرب. الثالث عشر: من أقرش به إذا سعى به ووقع فيه. الرابع عشر: من أقرشت الشجة إذا صدعت العظم ولم تهشمه. الخامس عشر: من تقرش فلان الشيء إذ أخذه أولا فأولا.
النوع الثالث: فيما جاء فيهم فروي عن سعد بن أبي وقاص، رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من يريد هوان قريش أهانه الله)، وعن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى هاشما من قريش واصطفاني من بني هاشم)، رواه مسلم وكانت لقريش في الجاهلية مكارم منها: السقاية والعمارة والرفادة والعقاب والحجابة والندوة واللواء والمشورة والأشناق والقبة والأعنة والسفارة والأيسار والحكومة والأموال المحجرة، وكانوا يسمون: آل الله وجيران الله، والنسبة إلى قريش: قريشي، وعن الخليل: قرشي أيضا، فإن أردت بقريش الحي صرفته، وإن أردت به القبيلة لم تصرفه.
0053 حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال كان محمد بن جبير بن مطعم يحدث أنه بلغ معاوية وهو عنده في وفد من قريش أن عبد الله بن عمرو بن العاص يحدث أنه سيكون ملك من قحطان فغضب معاوية فقام فأثناى على الله بما هو أهله ثم قال أما بعد فإنه بلغني أن رجالا منكم يتحدثون أحاديث ليست في كتاب الله ولا تؤثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأولئك جهالكم فإياكم والأماني التي تضل أهلها فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن هاذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله على وجهه ما أقاموا الدين. (الحديث 0053 طرفه في: 9317).
مطابقته للترجمة ظاهره، ورجاله قد تكرر ذكرهم مع بيانهم، والحديث أخرجه البخاري أيضا في الأحكام عن أبي اليمان أيضا. وأخرجه النسائي في التفسير عن محمد بن خالد بن حلى.
قوله: (وهو عنده)، حال من محمد بن جبير. قوله:
(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 ... » »»