في هذه المدة. وقال بعضهم: أبعد من قال هذين الوجهين. قلت: لم يبين هذا القائل وجه البعد فيهما، وليس فيهما بعد، بل الأقرب هذا بالنسبة إلى قوة دين عائشة وغاية ورعها على ما لا يخفى. قوله: (أعمله) صفة لقوله: (عملا) قوله: (فأفرغ منه) يجوز بالرفع أي: فأنا أفرغ منه، ويجوز بالنصب أي: فإن أفرغ منه.
واختلف العلماء في النذر المبهم المجهول، فذهب مالك إلى أنه: ينعقد ويلزم به كفارة يمين، وقال الشافعي مرة: يلزمه أقل ما يقع عليه الاسم، وقال مرة: لا ينعقد هذا اليمين، وصحح في مسلم: كفارة النذر كفارة يمين، وفي لفظ له: من نذر نذرا ولم يسمه فعليه كفارة يمين، ولعل عائشة، رضي الله تعالى عنها، لم يبلغها هذا الحديث، ولو كان بلغها لم تقل هكذا، ولم تعتق أربعين رقبة، أو تأولت. وقال ابن التين: ويحتمل أن يكون هذا قبل تمام الثلاث: أي: ثلاثة أيام من الهجر، وكيف وقع الحنث عليها بمجرد دخول عبد الله بن الزبير دون الكلام إلا أن يكون لما سلم الزهريون عليها ردت السلام، وعبد الله في جملتهم، فوقع الحنث قبل أن أقتحم الحجاب، قيل: فيه نظر لأنه كان يجوز لها رد السلام عليهم إذا نوت إخراج عبد الله فلا تحنث بذلك.
3 ((باب نزل القرآن بلسان قريش)) أي: هذا باب يذكر فيه أنه نزل القرآن بلسان قريش، أي: بلغتهم.
6053 حدثنا عبد العزيز بن عبد الله حدثنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن أنس أن عثمان دعا زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمان بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف. وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم ففعلوا ذالك.
مطابقته للترجمة ظاهرة وعبد العزيز بن عبد الله بن يحيى القرشي الأويسي المدني، وهو من أفراده وإبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في فضائل القرآن عن موسى بن إسماعيل وعن أبي اليمان عن شعيب وأخرجه الترمذي في التفسير عن بندار عن ابن مهدي، وأخرجه النسائي في فضائل القرآن عن الهيثم ابن أيوب.
قوله: (وسعيد بن العاص) بن أحيحة القرشي الأموي المديني قال ابن سعد: قبض النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن تسع سنين، وقال سعيد بن عبد العزيز: إن عربية القرآن أقيمت على لسانه، وهو أحد الذين كتبوا المصحف لعثمان بن عفان وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم القرشي المخزومي، وقال الواقدي: كان ابن عشر سنين حين قبض النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: (فنسخوها) الضمير المنصوب فيه يرجع إلى الصحف التي كانت عند حفصة بنت عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنهما، ولا يقال: إنه إضمار قبل الذكر، لأن هذا الحديث قطعة من حديث آخر طويل أخرجه البخاري في الفضائل، وفيه: فأرسل عثمان إلى حفصة: أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف، ثم نردها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت وعبد الرحمن بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف.. الحديث، والمصاحف: جمع مصحف، والمصحف الكراسة وحقيقتها: مجمع الصحف. قوله: (للرهط القرشيين) هم عبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث. وأما زيد بن ثابت فهو ليس بقرشي بل هو أنصاري خزرجي. قوله: (إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت)، قال الداودي: يعني إذا اختلفتم فيه من الهجاء ليس من الإعراب، وقال أبو الحسن: أراد: إذا اختلفتم في إعرابه، ولا يبعد أنه أراد بالوجهين، ألا ترى أن لغة أهل الحجاز * (ما هذا بشرا) * ولغة تميم * (بشر) * قوله: (فاكتبوه) أي: فاكتبوا الذي اختلفتم فيه بلسان قريش، لقوله تعالى: * (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه) * (إبراهيم: 4). وقوم النبي صلى الله عليه وسلم، قريش فيكتب بلسانهم. قوله: (فإنما نزل بلسانهم)، أي: فإن القرآن إنما نزل بلسان قريش. وقال الداودي: ولما اختلفوا في التابوت، فقال زيد ابن ثابت التابوه، وقال أولئك الثلاثة التابوت، أمرهم عثمان، رضي الله تعالى عنه، أن يكتبوه بلسان قريش: التابوت. قوله: (ففعلوا ذلك) أي: ما أمرهم به عثمان، رضي الله تعالى عنه.