كتاب وفي اليسرى كتاب فقال هذا كتاب من رب العالمين فيه أسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم * وقال أبو محمد الرشاطي الحض على معرفة الأنساب ثابت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة وبالغ ابن حزم في ذلك وقال لا ينكر حق معرفة النسب إلا جاهل أو معاند * وفرض أن يعلم المرء أن سيدنا رسول الله هو محمد بن عبد الله القريشي الهاشمي الذي كان بمكة ورحل منها إلى المدينة فمن يشك فيه أهو قريشي أو يماني أو تميمي أو أعجمي فهو كافر غير عارف بدينه إلا أن يعذر بشدة ظلمة الجهل فيلزمه أن يتعلم ذلك ويلزم من بحضرته تعليمه ومن الفرض في علم النسب أن يعرف المرء أن الخلافة لا تجوز إلا من ولد فهر بن مالك بن النضر بن كنانة وأن يعرف كل من يلقاه بنسب في رحم محرمه ليجتنب ما حرم عليه وأن يعرف كل من يتصل به برحم يوجب ميراثا أو صلة أو نفقة أو عقدا أو حكما فمن جهل هذا فقد أضاع فرضا واجبا عليه لازما له من دينه وأما الذي يكون معرفته من النسب فضلا في الجميع وفرضا على الكفاية فمعرفة أسماء أمهات المؤمنين وأكابر الصحابة من المهاجرين والأنصار الذين حبهم فرض فقد صح أنه قال آية الإيمان حب الأنصار وآية المنافق بغض الأنصار * - 3943 حدثني إسحاق بن إبراهيم أخبرنا جرير عن عمارة عن أبي زرعة عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تجدون الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا وتجدون خير الناس في هذا الشأن أشدهم له كراهية وتجدون شر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هاولاء بوجه ويأتي هاؤلاء بوجه.
مطابقته للترجمة ظاهرة. وإسحاق بن إبراهيم المعروف بابن راهويه، وجرير هو ابن عبد الحميد، وعمارة، بضم العين المهملة وتخفيف الميم: ابن القعقاع، وأبو زرعة اسمه هرم، وقيل: عبد الرحمن، وقيل: عمرو.
والحديث أخرجه مسلم في الفضائل بتمامه وفي الأدب بقصة ذي الوجهين.
قوله: (معادن)، أي: كمعادن، والحديث الآخر يوضحه: الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، ووجه التشبيه اشتمال المعادن على جواهر مختلفة من نفيس وخسيس، كذلك الناس من كان شريفا في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شرفا، فإن تفقه وصل إلى غاية الشرف، وكانت لهم أصول في الجاهلية يستنكفون عن كثير من الفواحش. قوله: (إذا فقهوا) يعني: إذا فهموا أمور الدين، والفقه في الأصل الفهم، يقال: فقه الرجل، بكسر القاف، يفقه، بفتحها إذا فهم وعلم، وفقه يفقه بضم القاف فيهما: إذا صار فقيها عالما، وقد جعله العرف خاصا بعلم الشريعة وتخصيصا بعلم الفروع منهما. قوله: (تجدون خير الناس في هذا الشأن) أي: في الخلافة أو في الإمارة. قوله: (أشدهم) بالنصب على أنه مفعول ثان: لتجدون. قوله: (له) أي: لهذا الشأن. قوله: (كراهية)، نصب على التمييز ويروى: كراهة. فإن قلت: كيف يصير خير جميع الناس بمجرد كراهته لذلك؟ قلت: المراد إذا تساووا في سائر الفضائل، أو يراد من الناس الخلفاء أو الأمراء، أو معناه من خيرهم بقرينة الحديث الذي بعده، فإن فيه تجدون من خير الناس بزيادة كلمة: من، كأنه قال: تجدون أكره الناس في هذا الأمر من خيارهم، والكراهة بسبب علمه بصعوبة العدل فيها ، والمطالبة في الآخرة، وهذا في الذي ينال الخلافة أو الإمارة من غير مسألة، فإذا نالها بمسألة فأمره أعظم لأنه لا يعان عليها، وهذا القسم أكثر في هذا الزمان. قوله: (ذا الوجهين) مفعول ثان لقوله: (تجدون شر الناس) وذو الوجهين: هو المنافق وهو الذي يمشي بين الطائفتين بوجهين يأتي لإحداهما بوجه ويأتي للأخرى بخلاف ذلك، وقال الله تعالى: * (مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء) * (النساء: 341). قال المفسرون: مذبذبين، يعني: المنافقين متحيرين بين الإيمان والكفر فلا هم مع المؤمنين ظاهرا وباطنا ولاهم مع الكفار ظاهرا وباطنا، بل ظواهرهم مع المؤمنين وبواطنهم مع الكافرين، ومنهم من يعتريه الشك، فتارة يميل إلى هؤلاء وتارة يميل إلى هؤلاء، وروى مسلم من حديث عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين تعير إلى هذه مرة وإلى هذه مرة، لا تدري أيتهما تتبع.
5943 حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا المغيرة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي