عمدة القاري - العيني - ج ١٦ - الصفحة ٦٨
غيره بلا فاء ويجيء تفسيره عن قريب 4 - (حدثنا موسى حدثنا عبد الواحد حدثنا كليب حدثتني ربيبة النبي وأظنها زينب قالت نهى رسول الله عن الدباء والحنتم والمقير والمزفت وقلت لها أخبريني النبي ممن كان من مضر كان قالت فممن كان إلا من مضر كان من ولد النضر بن كنانة) هذا طريق آخر في الحديث المذكور. وموسى بن إسماعيل التبوذكي قوله ' وأظنها زينب ' الظاهر أن قائله موسى لأن قيس بن حفص في الرواية السابقة قد جزم بأنها زينب وشيخهما واحد (فإن قلت) قد أخرج الإسماعيلي هذا الحديث من رواية حبان بن هلال عن عبد الواحد قال ولا أعلمها إلا زينب قلت فعلى هذا الشك فيه من شيخه عبد الواحد كان يجزم بها تارة ويشك فيها أخرى قوله قالت نهى النبي إنما ذكرت النهي عن هذه الأشياء هنا لأنها روت الحديث على هذه الصورة قوله ' الدباء ' بضم الدال وتشديد الباء الموحدة وبالمد القرع واحدها دباة والحنتم بفتح الحاء المهملة وسكون النون وفتح التاء المثناة من فوق وفي آخره ميم وهي جرار مدهونة خضر كانت تحمل فيها الخمر إلى المدينة واحدها حنتمة والمقير المطلي بالقار وهو الزفت وعن أبي ذر صوابه النقير بالنون وكسر القاف قوله ' أخبريني ' خطاب من كليب لزينب قوله ' النبي ' مبتدأ وخبره هو قوله ممن كان يعني من أي قبيلة قوله ' من مضر ' كأن همزة الاستفهام فيه مقدرة أي أمن مضر كان ومضر بضم الميم وفتح الضاد المعجمة هو ابن نزار بن معد بن عدنان واشتقاق مضر من المضيرة وهو شيء يصنع من اللبن سمي به لبياض لونه والعرب تسمي الأبيض أحمر فلذلك سميت مضر الحمراء وقال ابن سيده سمي مضر لأنه كان مولعا بشرب اللبن الماضر أي الحامض وهو أول من سن للعرب الحداء للإبل لأنه كان حسن الصوت فسقط يوما من بعيره فوثبت يده فجعل يقول وايداه وايداه فأعنقت له الإبل وأمه سودة بنت عك وقيل حبيبة بنت عك وكان على دين إسماعيل عليه الصلاة والسلام وقال ابن حبيب حدثنا أبو جعفر عن أبي جريج عن عطاء عن ابن عباس قال مات أدد والد عدنان وعدنان ومعد وربيعة ومضر وقيس غيلان وتميم وأسد وضبة على الإسلام على ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام فلا تذكروهم إلا كما يذكر به المسلمون وعن سعيد بن المسيب أن رسول الله قال لا تسبوا مضر فإنه كان مسلما على ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام وعند الزبير بن بكار من حديث ميمون بن مهران عن ابن عباس يرفعه لا تسبوا مضر ولا ربيعة فإنهما كانا مسلمين وقال رسول الله إذا اختلف الناس فالحق مع مضر وروي أنه قال إن الله عز وجل اختار هذا الحي من مضر قوله ' فممن كان إلا من مضر ' كلمة إلا استثناء منقطع أي لكن كان من مضر أو الاستثناء من محذوف أي لم يكن إلا من مضر والهمزة محذوفة من كان وممن كان كلمة مستقلة أو الاستفهام للإنكار قوله ' كان من ولد النضر ' النضر بفتح النون وسكون الضاد المعجمة ابن كنانة بكسر الكاف ابن خزيمة بن مدركة بلفظ اسم الفاعل ابن الياس بن مضر وهذا بيان له لأن مضر قبائل وهذا بطن منه والنضر اسمه قيس سمي بالنضر لوضاءته وجماله وإشراق وجهه والنضر هو الذهب الأحمر وهو النضار وأمه برة بنت مر بن أد بن طابخة وكنية النضر أبو يخلد كني بابنه يخلد * وعلم من هذا أن معرفة الأنساب لا يستغنى عنها وقد جاء الأمر بتعلمها وهو ما رواه أبو نعيم من حديث العلاء بن خارجة المدني قال رسول الله ' تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم ' وروى أبو هريرة عن النبي مثله وصححه وقال أبو عمر روي عن النبي أنه قال ' كفر بالله ادعاء نسب لا يعرف وكفر بالله تبرؤ من نسب وإن دق ' وروي عن أبي بكر رضي الله تعالى عنه مثله وقال ' من ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله ' وقد روي من الوجوه الصحاح عن رسول الله ما يدل على معرفته بأنساب العرب وروى الترمذي مصححا من حديث عبد الله بن عمرو خرج رسول الله وفي يده اليمنى
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»