عمدة القاري - العيني - ج ١٠ - الصفحة ٢٦٧
أبي أنس مولى التيميين أن أباه حدثه أنه سمع أبا هريرة رضي الله تعالى عنه يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين.
.
هذا طريق آخر أتم من الطريق الأول، مطابقته للترجمة في قوله: (إذا دخل شهر رمضان)، حيث ذكر فيه شهر، وهو مطابق لقوله في الترجمة: أو شهر رمضان.
ذكر رجاله: وهم سبعة: الأول: يحيى بن بكير وقد تكرر ذكره. الثاني: الليث بن سعد. الثالث: عقيل، بضم العين: ابن خالد. الرابع: محمد بن مسلم بن شهاب الزهري. الخامس: ابن أبي أنس هو أبو سهل نافع ابن أبي أنس بن مالك بن أبي عامر. السادس: أبوه مالك بن أبي عامر. السابع: أبو هريرة، رضي الله تعالى عنه.
ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الإفراد في موضعين، وفيه: الإخبار بصيغة الإفراد في موضع. وفيه: العنعنة في موضعين. وفيه: السماع. وفيه: القول في ثلاثة مواضع. وفيه: أن شيخه منسوب إلى جده لأنه يحيى بن عبد الله بن بكير وأنه والليث مصريان، وأن عقيلا أيلي. وأن ابن أبي أنس وأباه مدنيان. وفيه: أن ابن أبي أنس من صغار شيوخ الزهري بحيث أدركه تلامذة الزهري ومن هو أصغر منه كإسماعيل بن جعفر، وقد ابن أبي أنس في الوفاة عن الزهري، وهذا الإسناد يعد من رواية الأقران. وفيه: أن ابن أبي أنس مولى التيميين، أي: مولى بني تيم، والمراد منه آل طلحة بن عبيد الله أحد العشرة، وكان أبو عامر والد مالك قد قدم مكة فقطنها وحالف عثمان بن عبيد الله أخا طلحة فنسب إليه، وكان مالك الفقيه يقول: لسنا موالي آل تيم، إنما نحن عرب من أصبح، ولكن جدي حالفهم، والحاصل أن أبا سهيل نافع بن مالك بن أبي عامر أخو أنس بن مالك بن عامر، عم مالك بن أنس الإمام حليف عثمان بن عبيد الله التيمي، بفتح التاء المثناة من فوق وسكون الياء آخر الحروف. وقال ابن سعد في الطبقة من التابعين المدنيين: أخبرني عم جدي الربيع، مالك بن أبي عامر وهو عم مالك بن أنس المفتي عن أبيه، فذكر حديثا أنه عاقد عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التيمي فعدوا اليوم في بني تيم لهذا السبب، وقيل: حالف ابنه عثمان بن عبيد الله، وأبو أنس كنية مالك بن أبي عامر، ومات مالك سنة مائة ونحوها، كما نقل عن ابن عبد البر، وحكى الكلاباذي عن ابن سعد عن الواقدي: سنة اثنتي عشرة ومائة، عن سبعين أو نيف وسبعين. وفي (الطبقات) لابن سعد: أنه شهد عمر، رضي الله تعالى عنه، عند الجمرة وأصابه حجر فدماه، وفيه نظر ظاهر، وأولاده أربعة: أنس ونافع وأويس والربيع، أولاد مالك المذكور.
ذكر ما قيل في هذا الحديث: قال النسائي: مراد الزهري بابن أبي أنس: نافع، فأخرج من وجه آخر عن عقيل عن ابن شهاب أخبرني أبو سهيل عن أبيه، وأخرجه من طريق صالح عن ابن شهاب، فقال: أخبرني نافع بن أبي أنس، ورواه ابن إسحاق عن الزهري وعن أويس بن أبي أويس عديد بني تيم عن أنس بن مالك نحوه، وقال: هذا خطأ ولم يسمعه ابن إسحاق عن الزهري، وفي موضع آخر: هذا حديث منكر خطأ، ولعل ابن إسحاق سمعه من إنسان ضعيف فقال فيه: وذكر الزهري، ورواه من حديث أبي قلابة عن أبي هريرة بلفظ: (أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين). ومن حديثه عن ابن أبي شيبة عن عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة (عن أبي هريرة: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يرغب في قيام رمضان من غير عزيمة، وقال: إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت الجحيم وسلسلت فيه الشياطين). وقال: هذا الثالث الأخير خطأ من حديث أبي سلمة، وقال: أرسله ابن المبارك عن معمر، ثم ساقه من حديثه عن الزهري عن أبي هريرة مرفوعا: (إذا دخل رمضان فتحت...) الحديث.
وعند الترمذي من حديث أبي بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النيران فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب..) الحديث، وقال: غريب لا نعرف مثل رواية أبي بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة إلا من حديث أبي بكر بن عياش، وسألت محمدا عنه؟ فقال: حدثنا الحسن بن الربيع حدثنا أبو الأحوص عن الأعمش عن مجاهد، قوله: (إذا كان أول ليلة من شهر رمضان)، فذكر الحديث. قال محمد: وهذا
(٢٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 ... » »»