عمدة القاري - العيني - ج ١٠ - الصفحة ٢٦٢
الكوفي عن أبي وائل هو شقيق بن سلمة، وقد مضى الكلام فيه مستقصى هناك.
قوله: (عن ذه) بكسر الذال المعجمة وسكون الهاء، وهو من أسماء الإشارة للمفرد المؤنث، والذي يشار به له عشرة منها ذه، ويقال: ذه، بالاختلاس. قوله: (ذاك) أي الكسر أولى من الفتح أن لا يغلق إلى يوم القيامة، أي إذا وقعت الفتنة فالظاهر أنه لا يسكن. قوله: (دون غد) أي: كما يعلم أن الليلة هي قبل الغد، أي: علما واضحا جليا والله أعلم.
أي هذا باب يذكر فيه الريان الذي هو اسم علم لباب من أبواب الجنة مختص للصائمين ووزن ريان فعلان وقد وقعت المناسبة فيه بين لفظه ومعناه لأنه مشتق من الري الكثير الذي هو ضد العطش وسمي بذلك لأنه جزاء الصائمين على عطشهم وجوعهم واكتفى بذكر الري عن الشبع لأنه يدل عليه من حيث أنه يستلزمه وأفرد لهم هذا الباب إكراما لهم واختصاصا وليكون دخولهم الجنة غير متزاحمين فإن الزحام قد يؤدي إلى العطش 6981 حدثنا خالد بن مخلد قال حدثنا سليمان بن بلال قال حدثني أبو حازم عن سهل رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن في الجنة بابا يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم يقال أين الصائمون فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد.
(الحديث 6981 طرفه في: 7523).
مطابقته للترجمة ظاهرة، وخالد بن مخلد، بفتح الميم واللام وسكون الخاء المعجمة بينهما: البجلي الكوفي أبو محمد، وسليمان ابن بلال أبو أيوب، وأبو حازم، بالحاء المهملة والزاي: واسمه سلمة بن دينار، وسهل بن سعد الساعدي الأنصاري.
والحديث أخرجه مسلم أيضا في الحج عن أبي بكر بن أبي شيبة عن خالد بن مخلد به.
قوله: (إن في الجنة بابا)، قيل: إنما قال: في الجنة، ولم يقل: للجنة ليشعر بأن في الباب المذكور من النعيم والراحة ما في الجنة، فيكون أبلغ في التشويق إليه. قلت: وإنما لم يقل للجنة، ليشعر أن باب الريان غير الأبواب الثمانية التي للجنة، وفي الجنة أيضا أبواب أخر غير الثمانية، منها: باب الصلاة وباب الجهاد وباب الصدقة على ما يجيء في الحديث الآتي، وفي (نوادر الأصول) للحكيم الترمذي: من أبواب الجنة باب محمد، صلى الله عليه وسلم، وهو باب الرحمة، وهو باب التوبة، وهو منذ خلقه الله مفتوح لا يغلق، فإذا طلعت الشمس من مغربها أغلق فلم يفتح إلى يوم القيامة، وسائر الأبواب مقسومة على أعمال البر: باب الزكاة، باب الحج، باب العمرة. وعند عياض: باب الكاظمين الغيط، باب الراضين، الباب الأيمن الذي يدخل منه من لا حساب عليه، وفي (كتاب الآجري): عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن في الجنة بابا يقال له: باب الضحى، فإذا كان يوم القيامة ينادي مناد: أين الذين كانوا يديمون على صلاة الضحى؟ هذا بابكم فأدخلوا). وفي (الفردوس) عن ابن عباس يرفعه: (للجنة باب يقال له: الفرح، لا يدخل منه إلا مفرح الصبيان). وعند الترمذي باب للذكر، وعند ابن بطال باب الصابرين، وذكر البرقي في (كتاب الروضة): عن أحمد بن حنبل حدثنا روح حدثنا أشعث عن الحسن، قال: (إن لله بابا في الجنة لا يدخله إلا من عفا عن مظلمة). وفي كتاب (التخبير) للقشيري، عن النبي صلى الله عليه وسلم، (الخلق الحسن طوق من رضوان الله في عنق صاحبه، والطوق مشدود إلى سلسلة من الرحمة، والسلسلة مشدودة إلى حلقة من باب الجنة حيث ما ذهب الخلق الحسن جرته السلسلة إلى نفسها حتى يدخله من ذاك الباب إلى الجنة). فهذه الأبواب كلها داخلة في داخل الأبواب الثمانية الكبار التي ما بين مصراعي باب منها مسيرة خمسمائة عام. فإن قلت: روى الجوزقي في هذا الحديث من طريق أبي غسان عن أبي حازم بلفظ: (إن للجنة ثمانية أبواب منها باب يسمى الريان لا يدخله إلا الصائمون)، قلت: روى البخاري هذا من هذا الوجه في بدء الخلق، لكن، قال: (في الجنة ثمانية أبواب)، وهذا أصح وأصوب. قوله: (فإذا دخلوا أغلق)، على صيغة المجهول من الإغلاق، قال الجوهري: أغلقت الباب فهو مغلق، والأسم الغلق، ويقال: غلقت الباب غلقا
(٢٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 ... » »»