عمدة القاري - العيني - ج ١٠ - الصفحة ١١٧
لتصريحه في رواية بكر بن عبد المزني عن ابن عباس في رواية أبي داود بكونه جملا فإن قلت: ولو لم يصرح بذلك في الحديث، فإن المراد به البعير، لأنهم لا يستعملون غالبا في السواقي إلا البعران. قوله: (وابنه) أي: ابن أبي فلان. قوله: (لزوجها وابنها) الضمير فيهما يرجع إلى المرأة المذكورة من الأنصار، ورواية مسلم توضح معنى هذا، وهي قوله: (قالت: ناضحان كانا لأبي فلان، زوجها، حج هو وابنه على أحدهما، وكان الآخر يسقي نخلا لنا). وهو معنى قوله: (وترك ناضحا ننضح عليه)، بكسر الضاد، وفي رواية لمسلم: (قالت: لم يكن لنا إلا ناضحان، فحج أبو ولدها وابنها على ناضح، وترك لنا ناضحا ننضح عليه...) الحديث، قوله: (فإن عمرة في رمضان حجة) وارتفاع حجة على أنه خبر ان تقديره كحجة والدليل عليه رواية مسلم وهي قوله: (فإن عمرة فيه تعدل حجة) وفي رواية أخرى لمسلم: (فعمرة في رمضان تقضي حجة، أو حجة معي). وكأن البخاري أشار إلى هذا بقوله: (أو نحوا مما قال) أي: النبي، صلى الله عليه وسلم، وقال الكرماني: فإن قلت: ظاهره يقتضي أن عمرة في رمضان تقوم مقام حجة الإسلام، فهل هو كذلك؟ قلت: معناه: كحجة الإسلام في الثواب، والقرينة الإجماع على عدم قيامها مقامها. وقال ابن خزيمة: إن الشيء يشبه بالشيء، ويجعل عدله إذا أشبهه في بعض المعاني لا جميعها، لأن العمرة لا يقضى بها فرض الحج، ولا النذر، ونقل الترمذي عن إسحاق بن راهويه أن معنى هذا الحديث نظير ما جاء أن * (قل هو الله أحد) * (الإخلاص: 1). تعدل ثلث القرآن، وقال ابن العربي: حديث العمرة هذا صحيح، وهو فضل من الله ونعمة، فقد أدركت العمرة منزلة الحج بانضمام رمضان إليها. وقال ابن الجوزي: فيه أن ثواب العمل يزيد بزيادة شرف الوقت، كما يزيد بحضور القلب وبخلوص القصد. وقيل: يحتمل أن يكون المراد أن عمرة فريضة في رمضان كحجة فريضة، وعمرة نافلة في رمضان كحجة نافلة، وقال ابن التين. قوله: (كحجة)، يحتمل أن يكون على بابه، ويحتمل أن يكون لبركة رمضان، ويحتمل أن يكون مخصوصا بهذه المرأة. وقد قال بعض المتقدمين: بأنه مخصوص بهذه المرأة، فروى أحمد بن منيع في (مسنده) بإسناد صحيح عن سعيد بن جبير عن امرأة من الأنصار، يقال لها أم سنان: أنها أرادت الحج، فذكر الحديث، وفيه: (فقال سعيد بن جبير: ولا نعلم لهذه المرأة وحدها)، ووقع عند أبي داود من حديث يوسف بن عبد الله بن سلام عن أم معقل في آخر حديثها: (فكانت تقول: الحج حجة والعمرة عمرة، وقد قال هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم لي، فما أدري إلي خاصة أو للناس عامة؟) انتهى. والظاهر حمله على العموم.
وروى الترمذي من حديث الأسود بن يزيد عن ابن أم معقل عن أم معقل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عمرة في رمضان تعدل حجة)، وأخرجه أبو داود من وجه آخر من رواية إبراهيم بن مهاجر (عن أبي بكر بن عبد الرحمن، قال: أخبرني رسول مروان الذي أرسل إلى أم معقل، قال: قالت أم معقل: كان أبو معقل حاجا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قدم قالت أم معقل: قد علمت أن علي حجة...) الحديث، وفيه: (عمرة في رمضان تعدل حجة). وأخرجه النسائي من رواية الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن امرأة من بني أسد يقال لها: أم معقل، فذكره ولم يذكر رسول مروان، ورواه ابن ماجة فجعله من مسند أبي معقل، ولم يقل عن أم معقل وابن أبي معقل الذي لم يسم في رواية الترمذي اسمه معقل كذا ورد مسمى في كتاب الصحابة لابن منده من طريق عبد الرزاق عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن معقل ابن أبي معقل عن أم معقل. قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عمرة في رمضان تعدل حجة)، ومعقل هذا معدود في الصحابة من أهل المدينة، قال محمد بن سعد: صحب النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه، وهو معقل بن أبي معقل بن نهيك بن أساف بن عدي بن زيد ابن جشم بن حارثة، وقيل: إن اسم أبي معقل الهيثم، وأم معقل لم يدر اسمها، وهي أسدية من بني أسد بن خزيمة، وقيل: أنصارية، وقيل: أشجعية. قال الترمذي: بعد أن روى حديث أم معقل، وفي الباب عن ابن عباس وجابر وأبي هريرة وأنس ووهب بن خنبش ويقال: هرم ابن خنبش قلت: حديث ابن عباس في البخاري ومسلم وقد مر. وحديث جابر أخرجه ابن ماجة عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عمرة في رمضان تعدل حجة). وحديث أبي هريرة. وحديث أنس رواه أبو أحمد بن عدي في (الكامل) عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (عمرة في رمضان كحجة معي) وفي إسناده مقال. وحديث وهب بن خنبش
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»