عمدة القاري - العيني - ج ٨ - الصفحة ١٩
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: أخرجه البخاري أيضا في الجنائز عن مسدد عن يزيد بن زريع. وأخرجه الترمذي فيه عن أحمد بن منيع مختصرا على التكبير. وأخرجه النسائي فيه عن محمد بن رافع، وأخرجه ابن ماجة فيه عن أبي بكر ابن أبي شيبة. وأخرجه مسلم في الجنائز عن يحيى بن يحيى. وأخرجه أبو داود فيه عن القعنبي وأخرجه النسائي فيه عن قتيبة وعن سويد بن نصر عن عبد الله بن المبارك، ستتهم عن مالك.
ذكر معناه: قوله: (نعى النجاشي) أي: أخبر بموته، والنجاشي، بفتح النون وكسرها: كلمة للحبش تسمى بها ملوكها، والمتأخرون يلقبونه الأبجري. قال ابن قتيبة: هو بالنبطية، ذكره ابن سيده. وفي (الجامع) للقزاز: هو بكسر النون، يجوز أن يكون من نجش أوقد كأنه يطريه، ويوقد فيه، قاله قطرب. وفي (الفصيح): النجاشي، بالفتح، وفي (العلم المشهور) لأبي الخطاب مشدد الياء، قالوا: والصواب تخفيفها، وفي (المثنى) لابن عديس: النجاشي، بالفتح والكسر: المستخرج للشيء. وفي (سيرة ابن إسحاق). اسمه: أصحمة، ومعناه، عطية. وقال أبو الفرج: أصحمة بن أبجري، بفتح الهمزة وسكون الصاد وفتح الحاء المهملتين، قال: وقع في (مسند ابن أبي شيبة) في هذا الحديث تسميته: صحمة، بفتح الصاد وإسكان الحاء. قال: هكذا قال لنا يزيد بن هارون، وإنما هو صمحة، بتقديم الميم على الحاء. قال: وهذان شاذان. وفي (التلويح): أخبرني غير واحد من نبلاء الحبشة أنهم لا ينطقون بالحاء على صرافتها، وإنما يقولون في اسم الملك: أصمخة، بتقديم الميم على الخاء المعجمة. وذكر السهيلي أن اسم أبيه: يجري، بغير همزة، وذكر مقاتل بن سليمان في كتابه (نوادر التفسير): اسمه مكحول بن صصه، وفي كتاب (الطبقات) لابن سعد: لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية سنة ست أرسل النجاشي سنة سبع في المحرم عمرو بن أمية الضمري، فأخذ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم فوضعه على عينيه، ونزل عن سريره فجلس على الأرض تواضعا، ثم أسلم، وكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وأنه أسلم على يدي جعفر ابن أبي طالب، رضي الله تعالى عنه، وتوفي في رجب سنة تسع منصرفة من تبوك. فإن قلت: وقع في (صحيح مسلم): كتب صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي، وهو غير النجاشي الذي صلى عليه؟ قلت: قيل: كأنه وهم من بعض الرواة، أو أنه عبر ببعض ملوك الحبشة عن الملك الكبير، أو يحمل على أنه لما توفي قام مقامه آخر فكتب إليه. قوله: (خرج إلى المصلى)، ذكر السهيلي من حديث سلمة بن الأكوع أنه صلى الله عليه وسلم صلى عليه بالبقيع.
ذكر ما يستنبط منه من الأحكام: وهو على وجوه:
الأول: فيه إباحة النعي، وهو أن ينادى في الناس أن فلانا مات ليشهدوا جنازته، وقال بعض أهل العلم: لا بأس أن يعلم الرجل قرابته وإخواته، وعن إبراهيم: لا بأس أن يعلم قرابته. وقال شيخنا زين الدين: إعلام أهل الميت وقرابته وأصدقائه استحسنه المحققون والأكثرون من أصحابنا وغيرهم، وذكر صاحب (الحاوي) من أصحابنا وجهين في استحباب الإنذار بالميت وإشاعة موته بالنداء والإعلام، فاستحب ذلك بعضهم للغريب والقريب لما فيه من كثرة المصلين عليه والداعين له، وقال بعضهم: يستحب ذلك للغريب ولا يستحب لغيره. وقال النووي: والمختار استحبابه مطلقا إذا كان مجرد إعلام. وفي (التوضيح): وقال صاحب البيان) من أصحابنا: يكره نعي الميت، وهو أن ينادى عليه في الناس أن فلانا قد مات ليشهدوا جنازته، وفي وجه حكاه الصيدلاني: لا يكره. وفي (حلية الروياني) من أصحابنا: الاختيار إن ينادى به ليكثر المصلون. وقال ابن الصباغ: قال أصحابنا: يكره النداء عليه، ولا بأس أن يعلم أصدقاءه، وبه قال أحمد، وقال أبو حنيفة: لا بأس به، ونقله العبدري عن مالك أيضا، ونقل ابن التين عن مالك كراهة الإنذار بالجنائز على أبواب المساجد والأسواق لأنه من النعي. قال علقمة بن قيس: الإنذار بالجنائز من النعي وهو من أمر الجاهلية. وقال البيهقي: وروي النهي أيضا عن ابن عمر وأبي سعيد وسعيد بن المسيب وعلقمة وإبراهيم النخعي والربيع بن خيثم. قلت: وأبي وائل وأبي ميسرة وعلي بن الحسين وسويد بن غفلة ومطرف بن عبد الله ونصر بن عمران أبي جمرة، وروى الترمذي من حديث حذيفة أنه قال: إذا مت فلا تؤذنوا بي أحدا فإني أخاف أن يكون نعيا، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ينهى عن النعي، وقال: هذا حديث حسن، وروى أيضا من حديث عبد الله عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: (إياكم والنعي، فإن النعي من أمر الجاهلية). وقال: حديث غريب. والمجوزون احتجوا بحديث الباب، وربما ورد في الصحيح أن النبي، صلى الله عليه وسلم، نعى للناس زيدا وجعفرا. وفي الصحيح أيضا
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»