يعزيها بذلك ويخبرها بما صار إليه من الفضل. قوله: (حتى رفعتموه)، أي: من مغسلة، لأنه نسب الفعل إلى أصله قاله الداودي، وإظلاله بأجنحتها لاجتماعهم عليه وتزاحمهم على المبادرة بصعود روحه، رضي الله تعالى عنه، وتبشيره بما أعد الله له من الكرامة، أو أنهم أظلوه من الحر لئلا يتغير أو لأنه من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وروى بقي بن مخلد (عن جابر: لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ألا أبشرك أن الله أحي أباك وكلمة كفاحا وما كلم أحدا قط إلا من وراء حجاب؟.
وفيه: فضيلة عظيمة لم تسمع لغيره من الشهداء في دار الدنيا. وفيه: جواز البكاء على الميت كما مضى، ونهى أهل الميت بعضهم بعضا عن البكاء للرفق بالباكي.
تابعه ابن جريج قال أخبرني ابن المنكدر سمع جابرا رضي الله تعالى عنه يعني: تابع شعبة عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ذكر هذه المتابعة لينفي ما وقع في نسخة ابن ماهان في (صحيح مسلم) عن عبد الكريم عن محمد بن علي بن حسين عن جابر جعل بدل محمد بن المنكدر، فبين البخاري أن الصواب: ابن المنكدر، كما رواه شعبة، وشده برواية ابن جريج، ووصل مسلم هذه المتابعة: حدثنا عبد بن حميد حدثنا روح بن عبادة حدثنا ابن جريج عن محمد بن المنكدر عن جابر.
وأخرج مسلم هذا الحديث من خمسة طرق. الأول: من طريق سفيان بن عيينة عن محمد بن المنكدر (عن جابر يقول: لما كان يوم أحد جيء بأبي مسجى، وقد مثل به) الحديث. الثاني: من طريق شعبة عن محمد بن المنكدر عن جابر. الثالث: من طريق ابن جريج عن محمد بن المنكدر عن جابر. الرابع: من طريق معمر عن محمد بن المنكدر. الخامس: من طريق محمد بن علي بن الحسين عن جابر، وهذا في نسخة ابن ماهان.
4 ((باب الرجل ينعى إلى أهل الميت بنفسه)) أي: هذا باب يذكر فيه الرجل ينعي إلى أهل الميت، فقوله: باب، منون خبر مبتدأ محذوف كما قدرنا. وقوله: الرجل، مرفوع على أنه مبتدأ. وقوله: (ينعى)، خبره ومعنى: ينعى إلى أهل الميت، يظهر خبر موته إليهم، يقال: نعاه ينعاه نعيا ونعيانا، وهو من باب: فعل يفعل، بفتح العين فيهما، وفي (المحكم): النعي الدعاء بموت الميت والإشعار به. وفي (الصحاح): النعي خبر الموت، وكذلك النعي على فعيل وفي (الواعي): النعي على فعيل هو نداء الناعي، والنعي: أيضا هو الرجل الذي ينعى، والنعي: الرجل الميت، والنعي) الفعل، والضمير في: بنفسه، يرجع إلى الميت أي: بنفس الميت، وهذه الترجمة بهذه الصفة هي المشهورة في أكثر الروايات، وفي رواية الكشميهني بحذف الباء في: بنفسه، أي: ينعي نفس الميت إلى أهله، وفي رواية الأصيلي سقط ذكر الأهل، وليس لها وجه. وقال المهلب: الصواب أن يقول: باب الرجل ينعى إلى الناس الميت بنفسه، وإليه مال ابن بطال، فقال: في الترجمة خلل، ومقصود البخاري: باب الرجل ينعى إلى الناس الميت بنفسه، ويكون الميت نصبا مفعول: ينعى، وقال الكرماني: لا خلل فيه لجواز حذف المفعول عند القرينة، وقال بعضهم نصرة للبخاري: التعبير بالأهل لا خلل فيه، لأن مراده به ما هو أعم من القرابة أو أخوة الدين، وهو أولى من التعبير بالناس لأنه يخرج من ليس له به أهلية كالكفار. قلت: فيه نظر، لأن الأهل لا يستعمل في أخوة الدين، وقد تكلم جماعة في هذا الموضع بما لا طائل تحته، وفيما ذكرناه كفاية فافهم.
5421 حدثنا إسماعيل قال حدثني مالك عن ابن شهاب عن سعيد ابن المسيب عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه خرج إلى المصلى فصف بهم وكبر أربعا.
(5421.
مطابقته للترجمة من حيث النظر إلى مجرد النعي، وقال الكرماني: فإن قلت: من كان في المدينة أهلا للنجاشي حتى تصح الترجمة؟ قلت: المؤمنون أهله من حيث أخوة الإسلام. قلت: قد ذكرنا أن الأهل لا يستعمل في أخوة الدين اللهم إلا إذا ارتكب المجاز فيه، ورجال هذا الحديث قد تكرر واجدا وإسماعيل هو ابن أويس عبد الله الأصبحي المدني ابن أخت مالك ابن أنس، وابن شهاب وهو محمد بن مسلم الزهري.