عمدة القاري - العيني - ج ٨ - الصفحة ٨
عيينة.. إلى آخره نحوه، وقال النسائي: حدثنا إسحاق بن إبراهيم وعلي بن حجر وقتيبة بن سعيد عن سفيان عن الزهري (عن سالم عن أبيه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم..) إلى آخره نحوه، وقال ابن ماجة: حدثنا علي بن محمد وهشام بن عمار وسهل ابن أبي سهل قالوا: حدثنا سفيان.. إلى آخره نحو رواية أبي داود، وبه قال القاسم وسالم بن عبد الله والزهري وشريح وخارجة بن زيد وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وعلقمة والأسود وعطاء، ومالك وأحمد، ويحكى ذلك عن أبي بكر وعمر وعثمان وعبد الله بن عمر وأبي هريرة والحسن بن علي وابن الزبير وأبي قتادة وأبي أسيد.
ذهب إبراهيم النخعي وسفيان الثوري والأوزاعي وسويد بن غفلة ومسروق وأبو قلابة وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وإسحاق وأهل الظاهر إلى أن المشي خلف الجنازة أفضل، ويروى ذلك عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وأبي الدرداء وأبي أمامة وعمر بن العاص، واحتجوا بما رواه أبو داود. قال: حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا عبد الصمد وحدثنا ابن المثنى حدثنا أبو داود، قال: حدثنا حرب يعني: ابن شداد حدثني يحيى حدثني ناب بن عمير حدثني رجل من أهل المدينة عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: (لا تتبع الجنازة بصوت ولا نار)، وزاد هارون: (ولا يمشي بين يديها)، واحتجوا أيضا بحديث سهل بن سعد: (أن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يمشي خلف الجنازة). رواه ابن عدي في (الكامل) وبحديث أبي أمامة قال: (سأل أبو سعيد الخدري علي بن أبي طالب، رضي الله تعالى عنه: المشي خلف الجنازة أفضل أم أمامها؟ فقال علي، رضي الله تعالى عنه: والذي بعث محمدا بالحق إن فضل الماضي خلفها على الماشي أمامها كفضل الصلاة المكتوبة على التطوع، فقال له أبو سعيد: أبرأيك تقول أم بشيء سمعته من النبي، صلى الله عليه وسلم؟ فغضب، وقال: لا والله، بل سمعته غير مرة ولا اثنتين ولا ثلاث حتى سبعا. فقال أبو سعيد: إني رأيت أبا بكر وعمر يمشيان أمامها؟ فقال علي: يغفر الله لهما، لقد سمعا ذلك من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كما سمعته وإنهما والله لخير هذه الأمة ولكنهما كرها أن يجتمع الناس ويتضايقوا فأحبا أن يسهلا على الناس). رواه عبد الرزاق في (مصنفه) وروى عبد الرزاق أيضا: أخبرنا معمر (عن ابن طاووس عن أبيه قال: ما مشى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات إلا خلف الجنازة). وروى ابن أبي شيبة: حدثنا عيسى بن يونس عن ثور عن شريح عن مسروق، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن لكل أمة قرباناا، وإن قربان هذه الأمة موتاها، فاجعلوا موتاكم بين أيديكم). وروى الدارقطني من حديث عبيد الله بن كعب بن مالك، قال: (جاء ثابت بن قيس بن شماس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن أمه توفيت وهي نصرانية وهو يحب أن يحضرها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إركب دابتك وسر أمامها فإنك إذا كنت أمامها لم تكن معها). وروى ابن أبي شيبة: حدثنا عبد الله أخبرنا إسرائيل عن عبيد الله بن المختار عن معاوية بن قرة حدثنا أبو كريب أو أبو حرب (عن عبد الله بن عمرو بن العاص: أن أباه قال له: كن خلف الجنازة فإن مقدمها للملائكة ومؤخرها لبني آدم). فإن قالوا: في حديث أبي هريرة مجهولان، وفي حديث سهل بن سعد، قال ابن قطان: لا يعرف من هو، وفيه: يحيى بن سعيد الحمصي، قال ابن معين: ليس بشيء وفي حديث علي، رضي الله تعالى عنه، مطرح بن يزيد، ضعفه ابن معين، وفيه: عبيد الله بن زجر، قال ابن حبان: منكر الحديث جدا، وأثر طاووس مرسل، وفي حديث كعب بن مالك: أبو معشر، ضعفه الدارقطني. قلنا: إذا سلمنا ضعف الأحاديث التي تكلم فيها فإنها تتقوى وتشتد فتصلح للاحتجاج، مع أن لنا حديثا فيه رواه البخاري من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من اتبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا وكان معها حتى يصلي عليها ويفرغ من دفنها فإنه يرجع من الأجر بقيراطين)، والاتباع لا يكون إلا إذا مشى خلفها. فدل ذلك على أن الجنازة متبوعة. وقد جاء هذا اللفظ صريحا في حديث رواه أبو داود عن ابن مسعود مرفوعا: (الجنازة متبوعة ولا تتبع، وليس معها من تقدمها)، ورواه الترمذي وابن ماجة وأحمد وإسحاق وأبو يعلى وابن أبي شيبة. وأما أثر طاووس فإنه، وإن كان مرسلا فهو حجة عندنا، وحديثهم الذي احتجوا به، وهو حديث ابن عمر، قد اختلف فيه أئمة الحديث بحسب الصحة والضعف، وقد روي متصلا ومرسلا، فذهب ابن المبارك إلى ترجيح الرواية المرسلة على المتصلة ما رواه الترمذي وغيره عنه، وقال النسائي بعد تخريجه للرواية المتصلة: هذا خطأ، والصواب مرسل. وقد طول شيخنا زين الدين، رحمه الله، في هذا الموضع نصرة لمذهبه، ومع هذا كله فقد قال الترمذي: وأهل الحديث كلهم يرون أن الحديث المرسل في ذلك أصح. فإن قلت:
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»