عمدة القاري - العيني - ج ٨ - الصفحة ٢٤
وجعفرا وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبر، ولما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بخبرهم حتى قال: ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم، وفي رواية للبخاري عن ابن عمر: فالتمسنا جعفر بن أبي طالب فوجدناه في القتلى، ووجدنا في جسده بضعا وسبعين من طعنة ورمية، وعن خالد: لقد انقطعت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف فما بقي في يدي إلا صفيحة يمانية، رواه البخاري، وزيد هو ابن حارثة بن شراحيل بن كعب الكلبي القضاعي مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبناه، ولم يذكر الله تعالى أحدا من الصحابة في القرآن باسمه الخاص إلا زيدا، قال الله تعالى: * (فلما قضى زيد منها وطرا) * (الأحزاب: 73). وجعفر ابن أبي طالب الهاشمي الطيار ذو الجناحين، وهو صاحب الهجرتين، الجواد ابن الجواد، وكان أمير المهاجرين إلى الحبشة. وعبد الله بن رواحة، بفتح الراء وتخفيف الواو وبالحاء المهملة: الخزرجي المدني، أحد النقباء ليلة العقبة. قوله: (لتذرفان) اللام للتأكيد، وتذرفان، بالذال المعجمة من: ذرفت عينه إذا سال منها الدمع. قوله: (من غير إمرة) بكسر الهمزة وسكون الميم وفتح الراء.
ذكر ما يستفاد منه فيه: دليل النبوة لأنه أخبر بأصابتهم في المدينة وهم بمؤتة، وكان كما قال صلى الله عليه وسلم. وفيه: جواز البكاء على الميت. وفيه: أن الرحمة التي تكون في القلب محمودة. وفيه: جواز تولي أمر القوم من غير تولية إذا خاف ضياعه وحصول الفساد بتركه، وقال الخطابي: لما نظر خالد بعد موتهم وهو في ثغر مخوف وبإزاء عدو عددهم جم وبأسهم شديد خاف ضياع الأمر وهلاك من معه من المسلمين، فتصدى للإمارة عليهم وأخذ الراية من غير تأمير وقاتل إلى أن فتح الله على المسلمين، فرضي رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله، إذ وافق الحق، وإن لم يكن من رسول الله صلى الله عليه وسلم إذن ولا من القوم الذين معه بيعة وتأمير، فصار هذا أصلا في الضرورات إذا وقعت من معاظم أمر الدين في أنها لا تراعى فيها شرائط أحكامها عند عدم الضرورة، وكذا في حقوق آحاد أعيان الناس، مثل أن يموت رجل بفلاة وقد خلف تركة، فإن على من شهده حفظ ماله وإيصاله إلى أهله وإن لم يوص المتوفي بذلك فإن النصيحة واجبة للمسلمين. وفيه: أيضا جواز دخول الخطر في الوكالات وتعليقها بالشرائط.
5 ((باب الإذن بالجنازة)) أي: هذا باب في بيان الإذن، بكسر الهمزة، والمراد العلم بها، ويروى: باب الأذان أي: الإعلام بها. وقيل: باب الآذان، بمد الهمزة وكسر الذال على وزن الفاعل، وهو الذي يؤذن بالجنازة أي: يعلم بها بأنها تهيأت، والفرق بين هذه الترجمة والترجمة التي قبلها أن الأولى إعلام وليس له علم بالميت، وهذه إعلام من أعلم يتهيء أمره.
وقال أبو رافع عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ألا آذنتموني مطابقته للترجمة ظاهرة، وأبو رافع الصائغ اسمه: نفيع، بضم النون، وهو طرف حديث أخرجه في: باب كنس المسجد والتقاط الخرق، حدثنا سليمان بن حرب، قال: حدثنا حماد بن زيد عن ثابت عن أبي رافع (عن أبي هريرة: أن رجلا أسود، أو امرأة سوداء، كان يقم المسجد فمات، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عنه فقالوا: مات، فقال: أفلا كنتم آذنتموني به؟ دلوني على قبره أو على قبرها فأتى قبره فصلى عليها). وقد مر الكلام فيه هناك مستوفى.
7421 حدثنا محمد قال أخبرنا أبو معاوية عن أبي إسحاق الشيباني عن الشعبي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال مات إنسان كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده فمات بالليل فدفنوه ليلا فلما أصبح أخبروه فقال ما منعكم أن تعلموني قالوا كان الليل فكرهنا وكانت ظلمة أن نشق عليك فأتى قبره فصلى عليه.
.
مطابقته للترجمة في قوله: (ما منعكم أن تعلموني؟).
ذكر رجاله: وهم خمسة: الأول: محمد بن سلام أو ابن المثنى
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»