عمدة القاري - العيني - ج ٨ - الصفحة ١٧٢
على ذلك قال إني سمعت عمر رضي الله تعالى عنه يحلف على ذلك عند النبي فلم ينكره النبي وروى أبو داود قال حدثنا أبو معاذ قال أخبرنا أبي قال حدثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن محمد بن المنكدر إلى آخره نحو رواية مسلم وقال النووي قال العلماء قصة ابن الصياد مشكلة وأمره مشتبه في أنه هل هو المسيح الدجال المشهور أم غيره ولا شك أنه دجال من الدجاجلة قال العلماء ظاهر الأحاديث في هذا الباب أن النبي لم يوح إليه بأنه المسيح الدجال ولا غيره وإنما أوحى إليه بعلامات الدجال وكان في ابن صياد قرائن محتملة فلذلك كان النبي لا يقطع بأنه الدجال ولا غيره ولهذا قال لعمر رضي الله تعالى عنه إن يكن هو فلن تستطيع قتله وفي سنن أبي داود في خبر الجساسة من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن وقال شهد جابر أنه هو ابن صياد قلت فإنه قد مات قال وإن مات قلت فإنه قد أسلم فقال وإن أسلم قلت فإنه قد دخل المدينة قال وإن دخل المدينة وأخرج أبو داود من حديث نافع قال كان ابن عمر يقول والله ما أشك أن المسيح الدجال ابن صياد وإسناده صحيح وقال الخطابي اختلف السلف في أمره بعد كبره فروى عنه أنه تاب من ذلك القول ومات بالمدينة وأنهم لما أرادوا الصلاة عليه كشفوا عن وجهه حتى رآه الناس وقيل لهم اشهدوا واعترض عليه بما رواه أبو داود بسند صحيح عن جابر قال فقدنا ابن صياد يوم الحرة ويرد بهذا قول من قال أنه مات بالمدينة وصلوا عليه وفيه كتاب الفتوح لسيف لما نزل النعمان على السوس أعياهم حصارها فقال لهم القسيسون يا معشر العرب إن مما عهد علماؤنا وأوائلنا أن لا يفتح السوس إلا الدجال فإن كان فيكم تستفتحونها فإن لم يكن فيكم فلا قال وصاف ابن صياد في جند النعمان وأتى باب السوس غضبانا فدقه برجله وقال انفتح فتقطعت السلاسل وتكسرت الأغلاق وانفتح الباب فدخل المسلمون وقال ابن التين والأصح أنه ليس هو لأن عينه لم تكن ممسوحة ولا عينه طافية ولا وجدت فيه علامة وروى ابن أبي شيبة عن الغلتان ابن عاصم عن النبي أنه قال أما مسيح الضلالة فرجل أجلى الجبهة ممسوح العين اليسرى عريض النحر فيه دفاء أي انحناء وروى مسلم عن حذيفة قال قال رسول الله ' الدجال أعور عين اليسرى جفال الشعر معه جنة ونار فناره جنة وجنته نار ' وفي حديث عبد الله بن عمر قال ' ذكر رسول الله يوما بين ظهراني الناس المسيح الدجال فقال إن الله ليس بأعور إلا أن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأنه عينه عنبة طافية ' رواه مسلم وقال مسلم باب في أمر ابن صياد وتبريه من أن يكون الدجال حدثني عبيد الله بن عمر القواريري ومحمد بن المثنى قال حدثنا عبد الأعلى حدثنا داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال صحبت ابن صائد إلى مكة فقال لي ما لقيت من الناس يزعمون أني الدجال ألست سمعت رسول الله يقول أنه لا يولد له قال فقلت بلى قال فقد ولد لي أوليس سمعت رسول الله يقول لا يدخل المدينة ولا مكة قلت بلى قال فلقد ولدت بالمدينة وها أنا أريد مكة قال ثم قال في آخر قوله أما والله إني لأعلم مولده ومكانه وأين هو فليسني وفي لفظة له قال فما زال حتى كاد أن يأخذ في قوله قال فقال أما والله إني لأعلم الآن حيث هو وأعرف أباه وأمه قال وقيل له أيسرك أنك ذاك الرجل لو عرض على ما كرهت وفي لفظ له ثم قال أنا والله إني لأعرفه وأعرف مولده وأين هو الآن قال قلت تبا لك سائر اليوم وقال القرطبي وأما احتجاجه بأنه مسلم والدجال كافر وبأنه لا يولد للدجال وقد ولد له وأن الدجال لا يدخل الحرمين وقد دخلهما هو فغير واضح وإن كان محمد بن جرير وغيره ذكروه في جملة الصحابة لأن النبي إنما أخبر عن صفات الدجال وقت فتنته وخروجه الثاني مما يستنبط منه ومن غيره من الأحاديث الواردة في هذا الباب هو أن ابن صياد إذا كان هو الدجال كيف كان حاله حتى بقي إلى وقت خروجه في آخر الزمان قال صاحب زهرة الرياض رأيت في أمالي القاضي الإمام أبي بكر محمد بن علي بن الفضل الورنجري بإسناده عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال ' بينا رسول الله يصلي صلاة الغداة فلما سلم استقبل أصحابه بوجهه يحدثهم إذ أقبلت صيحة شديدة بناحية اليهود ما سمعنا صيحة أشد منها فأرسل رجلا ليأتينا بالخبر قال فما مكث حتى رجع وقد تغير لونه فقال يا رسول الله أما علمت أن البارحة ولد ولد في اليهود وأنه غضب وتزبد حتى امتلأ البيت منه وقد ضم أمه مع سريرها إلى زاوية
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»