أي: قريبا وانتصابه على الحال، وقوله: (غير إذنه) مستثنى مما قبله، وحاصل المعنى: استخرجت أبي من قبره ففاجأته قريبا مثل الوقت الذي وضعته فيه، غير أن أذنه تغير بسبب التصاقها بالأرض، وهذا المذكور هو رواية المروزي والجرجاني وأبي ذر، وفي رواية ابن السكن والنسفي: (كيوم وضعته في القبر غير هنية في أذنه)، يريد غير أثر يسير غيرته الأرض من أذنه، وهذا هو الصواب، وحكى ابن التين: أنه في روايته، بفتح الهاء وسكون الياء آخر الحروف بعدها همزة ثم تاء مثناة من فوق ثم هاء الضمير، ومعناه: على حالته، ووقع في رواية ابن أبي خيثمة والطبراني من طريق غسان بن نصر عن أبي سلمة بلفظ: (وهو كيوم دفنته إلا هنية عند أذنيه)، ووقع في رواية أبي نعيم من طريق الأشعث: (غير هنية عند أذنه). ووقع في رواية الحاكم: (فإذا هو كيوم وضعته غير أذنه)، سقط منه لفظ: هنية، وكذا ذكره الحميدي في (الجمع في أفراد البخاري) ووقع في رواية ابن السكن من طريق شعبة عن أبي مسلمة بلفظ: (غير أن طرف أذن أحدهم تغير)، ووقع في رواية ابن سعد من طريق أبي هلال عن أبي مسلمة: (إلا قليلا من شحمة أذنه)، ووقع في رواية أبي داود، وقد ذكرناها من طريق حماد بن زيد عن أبي مسلمة: (إلا شعيرات كن من لحيته مما يلي الأرض). فإن قلت: ما وجه رواية أبي داود بالنسبة إلى الروايات المذكورة؟ قلت: المراد بالشعيرات التي تتصل بشحمة الأذن. فإن قلت: روى الطبراني بإسناد صحيح عن محمد بن المنكدر عن جابر أن أباه قتل يوم أحد، ثم مثلوا به فجدعوا أنفه وأذنيه.. الحديث؟ قلت: يحمل هذا على أنهم قطعوا بعض أذنيه لا جميعهما. فافهم.
87 ((باب اللحد والشق في القبر)) أي: هذا باب في بيان اللحد والشق الكائنين في القبر. فإن قلت: ليس للشق ذكر في حديث الباب. قلت: قوله: قدمه في اللحد، يدل على الشق، لأن في تقديم أحد الميتين تأخير الآخر غالبا في الشق لمشقة تسوية اللحد، لمكان اثنين، وتقديم ذكر اللحد يدل على مزية فضله، دل عليه ما رواه ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اللحد لنا والشق لغيرنا)، رواه أبو داود، وقد ذكرناه عن قريب.