عمدة القاري - العيني - ج ٨ - الصفحة ١٦٩
عن يونس عن الحسن في: الصغير، قال: مع المسلم من والديه. وأما أثر شريح، بضم الشين المعجمة: القاضي فأخرجه البيهقي أيضا عن يحيى بن يحيى حدثنا هشيم عن أشعث عن الشعبي عن شريح أنه اختصم إليه في صبي أحد أبويه نصراني، قال: الوالد المسلم أحق بالولد، وأما أثر إبراهيم النخعي فأخرجه عبد الرزاق عن معمر عن مغيرة عن إبراهيم، قال في نصرانيين بينهما ولد صغير فأسلم أحدهما، قال: أولاهما به المسلم، وأما أثر قتادة رضي الله تعالى عنه فأخرجه عبد الرزاق أيضا عن معمر عنه نحو قول الحسن.
وكان ابن عباس رضي الله تعالى عنهما مع أمه من المستضعفين ولم يكن مع أبيه على دين قومه أي: وكان عبد الله بن عباس مع أمه لبابة بنت الحارث الهلالية من المستضعفين، وهذا تعليق وصله البخاري في هذا الباب حيث قال: حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان، قال: قال عبيد الله: سمعت ابن عباس يقول: كنت أنا وأمي من المستضعفين: إنا من الولدان وأمي من النساء، وأراد بقوله: من المستضعفين، قوله تعالى: * (إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان) * (النساء: 89). وهم الذين أسلموا بمكة وصدهم المشركون عن الهجرة فبقوا بين أظهرهم مستضعفين يلقون منهم الأذى الشديد. قوله: (ولم يكن مع أبيه) أي: ولم يكن ابن عباس مع أبيه عباس على دين قومه المشركين، وهذا من كلام البخاري ذكره مستنبطا، ولكن هذا مبني على أن إسلام العباس كان بعد وقعة بدر. فإن قلت: روى ابن سعد من حديث ابن عباس: أنه أسلم قبل الهجرة، وأقام بأمر النبي صلى الله عليه وسلم له في ذلك لمصلحة المسلمين. قلت: هذا في إسناده الكلبي وهو متروك، ويرده أيضا أن العباس أسر ببدر وفدى نفسه على ما يجيء في المغازي، إن شاء الله تعالى، ويرده أيضا أن الآية التي في قصة المستضعفين نزلت بعد بدر بلا خلاف.، وكان شهد بدرا مع المشركين، وكان خرج إليها مكرها وأسر يومئذ ثم أسلم بعد ذلك.
وقال الإسلام يعلو ولا يعلى كذا قال البخاري ولم يعين من القائل، وربما يظن أن القائل هو ابن عباس، وليس كذلك، فإن الدارقطني أخرجه في كتاب النكاح في (سننه) بسند صحيح على شرط الحاكم، فقال: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم حدثنا أحمد بن الحسين الحداد حدثنا شبابة بن خياط حدثنا حشرج بن عبد الله بن حشرج حدثني أبي عن حدي عن عائذ بن عمرو المزني، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الإسلام يعلو ولا يعلى). وروى (إن عائذ بن عمرو جاء عام الفتح مع أبي سفيان بن حرب، فقال الصحابة: هذا عائذ ابن عمرو وأبو سفيان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هذا عائذ بن عمرو وأبو سفيان، الإسلام أعز من ذلك، الإسلام يعلو ولا يعلى). فإن قلت: ما مناسبة ذكر هذا الحديث في هذا الباب؟ قلت: الباب في نفس الأمر ينبئ عن علو الإسلام، ألا يرى أن الصبي غير المكلف إذا أسلم ومات يصلى عليه، وذلك ببركة الإسلام وعلو قدره، وكذلك يعرض عليه الإسلام حتى لا يحرم من هذه الفضيلة.
110 - (حدثنا عبدان قال أخبرنا عبد الله عن يونس عن الزهري قال أخبرني سالم بن عبد الله أن ابن عمر رضي الله عنهما أخبره أن عمر انطلق مع النبي في رهط قبل ابن صياد حتى وجدوه يلعب مع الصبيان عند أطم بني مغالة وقد قارب ابن صياد الحلم فلم يشعر حتى ضرب النبي بيده ثم قال لابن صياد تشهد أني رسول الله فنظر إليه ابن صياد فقال أشهد أنك رسول الأميين فقال ابن صياد للنبي أتشهد أني رسول الله فرفضه وقال آمنت بالله وبرسله فقال له ماذا ترى فقال ابن صياد يأتيني صادق وكاذب فقال النبي خلط عليك الأمر ثم قال له النبي إني قد خبأت لك خبيئا فقال ابن صياد هو الدخ فقال أخسا فلن تعدو قدرك فقال عمر رضي الله عنه دعني يا رسول الله أضرب عنقه فقال النبي إن يكنه فلن تسلط عليه وإن لم يكنه فلا خير لك في قتله) مطابقته للترجمة في قوله ' تشهد أني رسول الله ' فإن فيه عرض الإسلام على الصبي ويفهم منه أيضا أنه لو لم يصح إسلام الصبي لما عرض عليه الصلاة والسلام على ابن صياد وهو غير مدرك فطابق الحديث جزئي الترجمة كليهما.
(ذكر رجاله) وهم ستة. الأول عبدان وهو لقب عبد الله بن عثمان وقد مر في الباب السابق. الثاني عبد الله بن المبارك. الثالث يونس
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»