عمدة القاري - العيني - ج ٨ - الصفحة ٧
في النسب، وبالضم في الحرب. يقال: دعوت الله له وعليه دعاء و: الدعوة المرة الواحدة، وأصل: دعاء دعا وإلا أن الواو لما جاءت بعد الألف همزت. قوله: (وإبرار القسم)، الإبرار، بكسر الهمزة إفعال من البر، خلاف الحنث، يقال: أبر القسم إذا صدقه، ويروى: (إبرار المقسم)، بضم الميم وسكون القاف وكسر السين، قيل: هو تصديق من أقسم عليك، وهو أن يفعل ما سأله الملتمس. وقال الطيبي: يقال: المقسم الحالف، ويكون المعنى أنه: لو حلف أحد على أمر يستقبل وأنت تقدر على تصديق يمينه كما لو أقسم أن لا يفارقك حتى تفعل كذا وأنت تستطيع فعله فافعل كيلا يحنث في يمينه. قوله: (وتشميت العاطس) تشميت العاطس دعاء، وكل داع لأحد بخير فهو مشمت، ويقال أيضا بالسين المهملة، وقال ابن الأثير: التشميت بالشين والسين: الدعاء بالخير والبركة، والمعجمة أعلاهما، يقال: شمت فلانا وشمت عليه تشميتا، فهو مشمت، واشتقاقه من الشوامت، وهي القوائم، كأنه دعاء للعاطس بالثبات على طاعة الله، عز وجل، وقيل: معناه: أبعدك الله عن الشماتة وجنبك ما يشمت به عليك، والشماتة فرح العدو ببلية تنزل بمن يعاديه، يقال: شمت به يشمت فهو شامت وأشمته غيره. قوله: (ونهانا عن سبع: آنية الفضة) أي: نهانا عن سبعة أشياء، ولم يذكر البخاري في المنهيات إلا ستة، قال بعضهم: إما سهو من المصنف أو من شيخه. وقال الكرماني: أبو الوليد اختصر الحديث أو نسيه؟ قلت: حمل الترك على الناسخ أولى من نسبته إلى البخاري أو شيخه، ومع هذا ذكر البخاري في: باب خواتيم الذهب، عن آدم عن شعبة.. إلى آخره. وذكر السابع، وهو: المثيرة الحمراء، وسنذكر ما قيل فيها في موضعه، إن شاء الله تعالى. قوله: (آنية الفضة) يجوز فيه الرفع والجر، أما الرفع فعلى أنه خبر مبتدأ محذوف أي: أحدها آنية الفضة، وأما الجر فعلى أنه بدل من: سبع. قوله: (والحرير)، يتناول الثلاثة التي بعده فيكون وجه عطفها عليه لبيان الاهتمام بحكم ذكر الخاص بعد العام، أو لدفع وهم أن تخصيصه باسم مستقل لا ينافي، دخوله تحت حكم العام، أو الإشعار بأن هذه الثلاثة غير الحرير، نظرا إلى العرف. وكونها ذوات أسماء مختلفة يكون مقتضيا لاختلاف مسمياتها. قوله: (وخاتم الذهب)، الخاتم والخاتم بكسر التاء وفتحها، والخيتام والخاتام كله بمعنى، والجمع: الخواتيم. قوله: (والديباج)، بكسر الدال: فارسي معرب، وقال ابن الأثير: الديباج الثياب المتخذة من الإبريسم، وقد تفتح داله. ويجمع على: دباييج ودبابيج بالياء وبالباء، لأن أصله: دباج. قوله: (والقسي)، بفتح القاف وكسر السين المهملة المشددة. قال ابن الأثير: هو ثياب من كتان مخلوط بحرير يؤتى بها من مصر، نسبت إلى قرية على ساحل البحر قريبا ممن تنيس يقال لها: القس، بفتح القاف، وبعض أهل الحديث يكسرها، وقيل: أصل القسي القزي، بالزاي، منسوب إلى القز، وهو ضرب من الإبريسم، وأبدل من الزاي سينا. وقيل: هو منسوب إلى القس وهو الصقيع لبياضه. قلت: القس وتنيس وفرما كانت مدنا على ساحل بحر دمياط غلب عليها البحر فاندثرت، فكانت يخرج منها ثياب مفتخرة ويتاجر بها في البلاد. قوله: (والإستبرق) بكسر الهمزة: ثخين الديباج على الأشهر. وقيل: رقيقه، وقال النسفي في قوله تعالى: * (ويلبسون من سندس وإستبرق) * (الدخان: 35). السندس ما رق من الحرير، والديباج والإستبرق ما غلظ منه، وهو تعريب إستبرك، وإذا عرب خرج من أن يكون عجميا، لأن معنى التعريب أن يجعل عربيا بالتصرف فيه وتغيير عن منهاجه وإجرائه على أوجه الإعراب.
ذكر ما يستفاد منه: وهو على أوجه:
الأول: في اتباع الجنائز والمشي معها إلى حين دفنها بعد الصلاة عليها. أما الصلاة فهي من فروض الكفاية عند جمهور العلماء، وقال إصبغ: الصلاة على الميت سنة، وقال الداودي: اتباع الجنائز حملها بعض الناس عن بعض. قال: وهو واجب على ذي القرابة الحاضر والجار، ويراه للتأكد لا الوجوب الحقيقي. ثم الاتباع على ثلاثة أقسام: أن يصلي فقط، فله قيراط. الثاني: أن يذهب فيشهد دفنها، فله قيراطان. وثالثها: أن يلقنه. قلت: التلقين عندنا عند الاحتضار، وقد عرف في الفروع، وكذا المشي عندنا خلف الجنازة أفضل، وفي (التوضيح): والمشي عندنا أمامها بقربها أفضل من الاتباع، وبه قال أحمد، لأنه شفيع. وعند المالكية ثلاثة أقوال، ومشهور مذهبم كمذهبنا. قلت: احتجت الشافعية فيما ذهبوا إليه بحديث أخرجه الأربعة: عن عبد الله بن عمر، رضي الله تعالى عنهما، فقال أبو داود: حدثنا القعنبي حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري (عن سالم عن أبيه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر يمشون أمام الجنازة). وقال الترمذي: حدثنا قتيبة وأحمد بن منيع وإسحاق بن منصور ومحمود بن غيلان، قالوا: حدثنا سفيان بن
(٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»