عمدة القاري - العيني - ج ٥ - الصفحة ٢٢٣
التخصيص لا تصح كما ذكرنا، نعم لو ذكر النكتة في رواية أبي داود في تخصيص السجدة بالذكر لكان له وجه، وهي أن رواية أبي داود من باب الاكتفاء، فاكتفى بذكر حكم السجدة عن ذكر حكم الركوع لكون العلة واحدة وهي السبق على الإمام كما في قوله تعالى: * (سرابيل تقيكم الحر) * (النحل: 81). أي: والبرد أيضا، وإنما لم يعكس الأمر لأن السجدة أعظم من الركوع في إظهار التواضع والتذلل، والعبد أقرب ما يكون إلى الرب وهو ساجد.
691 ح دثنا حجاج بن منهال قال حدثنا شعبة عن محمد بن زياد سمعت أبا هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أما يخشى أحدكم أو ألا يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار أو يجعل الله صورته صورة حمار.
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه وعيدا شديدا وتهديدا، ومرتكب الشيء الذي فيه الوعيد آثم بلا نزاع.
ذكر رجاله: وهم أربعة: الأول: حجاج بن منهال السلمي الأنماطي البصري أبو محمد، وقد مر ذكره في: باب ما جاء إن الأعمال بالنية، في آخر كتاب الإيمان. الثاني: شعبة بن الحجاج. الثالث: محمد بن زياد، بكسر الزاي وتخفيف الياء آخر الحروف: الجمحي المدني سكن البصرة. الرابع: أبو هريرة، رضي الله تعالى عنه، ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين. وفيه: العنعنة في موضعين. وفيه: السماع. وفيه: القول في ثلاثة مواضع. وفيه: أن رواته ما بين بصري وواسطي ومدني. وفيه: أنه من رباعيات البخاري.
ذكر من أخرجه غيره: هذا الحديث أخرجه الأئمة الستة ولكن بهذا الإسناد أخرجه مسلم عن عبد الله بن معاذ عن أبيه عن شعبة. وأخرجه أبو داود عن حفص بن عمرو عن شعبة، وأخرجه الترمذي عن قتيبة عن حماد بن زيد عن محمد بن زياد عن أبي هريرة، رضي الله تعالى عنه. وأخرجه النسائي عن قتيبة عن حماد بن زيد عن محمد زياد. وأخرجه ابن ماجة عن حميد بن مسعدة وسويد بن سعيد عن حماد بن زيد عن محمد بن زياد، وروى الطبراني في (معجمه الكبير) من حديث موسى بن عبد الله بن يزيد عن أبيه: (أنه كان يصلي بالناس ههنا وكان الناس يضعون رؤوسهم قبل أن يضع رأسه ويرفعون رؤوسهم قبل أن يرفع رأسه، فلما انصرف التفت إليهم فقال: يا أيها الناس لم تأثمون وتؤثمون، صليت بكم صلاة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لا أخرم عنها). وروى أيضا من حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، قال: (ما يأمن الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يعود رأسه رأس كلب، ولينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء، أو لتخطفن أبصارهم). وروى أيضا في (الأوسط) من حديث أبي سعيد الخدري، رضي الله تعالى عنه. قال: (صلى رجل خلف النبي، صلى الله عليه وسلم، فجعل يركع قبل أن يركع، ويرفع قبل أن يرفع، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم، صلاته قال: من الفاعل هذا؟ قال: أنا يا رسول الله. قال: اتقوا خداج الصلاة، إذا ركع الإمام فاركعوا وإذا رفع فارفعوا.
ذكر معناه: قوله: (أما يخشى أحدكم)، وفي رواية الكشميهني: (أو لا يخشى). قلت: اختلفت ألفاظ هذا الحديث، فرواية مسلم والترمذي وابن ماجة: (أما يخشى الذي يرفع رأسه)، وفي رواية النسائي: (ألا يخشى)، وفي رواية البخاري وأبي داود من رواية شعبة: (أما يخشى أو ألا يخشى) بالشك، قال الكرماني: الشك من أبي هريرة، وكلمة: أما، بتخفيف الميم: حرف استفتاح مثل ألا. وأصلها: ما، النافية دخلت عليها همزة الاستفهام، وهو ههنا استفهام توبيخ وإنكار. قوله: (إذا رفع رأسه قبل الإمام)، زاد ابن خزيمة من رواية حماد بن زيد عن محمد بن زياد: (في صلاته)، وفي رواية أبي داود عن حفص بن عمر: (الذي يرفع رأسه والإمام ساجد). قوله: (أن يجعل الله رأسه رأس حمار؟) وههنا أيضا اختلفت ألفاظ الحديث، ففي رواية يونس بن عبيد عند مسلم: (ما يأمن الذي يرفع رأسه في صلاته أن يحول الله صورته في صورة حمار؟). وفي رواية الربيع بن مسلم عند مسلم: (أن يجعل الله وجهه وجه حمار؟) وفي رواية لابن حبان، من رواية محمد بن ميسرة عن محمد بن زياد: (أن يحول الله رأسه رأس كلب) وفي رواية الطبراني في (الأوسط) من رواية محمد بن عمرو عن أبي سلمة
(٢٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 ... » »»