كما أخبرنا به الحسين بن عبد الله بن يزيد القطان بالرقة: حدثنا أحمد بن أبي الحوراء سمعت أبا يحيى الجمان سمعت أبا حنيفة يقول: ما رأيت فيمن لقيت أفضل من عطاء، ولا لقيت فيمن لقيت أكذب من جابر الجعفي، ما أثبته بشيء من رأيي إلا جاءني فيه بحديث. قلت: أما إنكاره النسخ فليس له وجه على ما بيناه، وأما قوله: أفتى به من الصحابة جابر وغيره، فقد قال الشافعي: إنهم لم يبلغهم النسخ، وعلم الخاصة يوجد عند بعض ويعزب عن بعض. انتهى. وكذا من أفتى به من التابعين لم يبلغهم خبر النسخ، وأفتى بظاهر الخبر المنسوخ، وأما قوله: والإجماع إجماع الصحابة، فغير مسلم، فإن الأدلة غير فارقة بين أهل عصر بل تتناول لأهل كل عصر كتناولها لأهل عصر الصحابة إذ لو كان خطابا للموجودين وقت النزول فقط يلزم أن لا ينعقد إجماع الصحابة بعد موت من كان موجودا وقت النزول، لأنه حينئذ لا يكون إجماعهم أجماع جميع المخاطبين وقت النزول، ويلزم أن لا يعتد بخلاف من أسلم أو ولد من الصحابة بعد النزول لكونهم خارجين عن الخطاب، وقد اتفقتم معنا على إجماع هؤلاء فلا يختص بالمخاطبين، والخطاب لا يختص بالموجودين كالخطاب بسائر التكاليف، وهذا الذي قاله ابن حبان هو من مذهب داود وأتباعه، وأما قوله: والمرسل عندنا وما لم يرو سيان... إلى آخره، فغير مسلم أيضا لأن إرسال العدل من الأئمة تعديل له إذ لو كان غير عدل لوجب عليه التنبيه على جرحه والإخبار عن حاله، فالسكوت بعد الرواية عنه يكون تلبيسا أو تحميلا للناس على العمل بما ليس بحجة، والعدل لا يتهم بمثل ذلك، فيكون إرساله توثيقا له لأنه يحتمل أنه كان مشهورا عنده فروى عنه بناء على ظاهر حاله، وفوض تعريف حاله إلى السامع حيث ذكر اسمه. وقد استدل بعض أصحابنا لقبول المرسل باتفاق الصحابة فإنهم اتفقوا على قبول روايات ابن عباس مع أنه لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أربع أحاديث لصغر سنه كما ذكره الغزالي، أو بضع عشر حديثا كما ذكره شمس الأئمة السرخسي. وقال ابن سيرين: ما كنا نسند الحديث إلى أن وقعت الفتنة، وقال بعضهم: رد المراسيل بدعة حادثة بعد المائتين، والشعبي والنخعي من أهل الكوفة، وأبو العالية والحسن من أهل البصرة، ومكحول من أهل الشام كانوا يرسلون، ولا يظن بهم إلا الصدق، فدل على كون المرسل حجة نعم، وقع الاختلاف في مراسيل من دون القرن الثاني والثالث، فعند أبي الحسن الكوفي: يقبل إرسال كل عدل في كل عصر، فإن العلة الموجبة لقبول المراسيل في القرون الثلاثة وهي: العدالة والضبط، تشمل سائر القرون، فبهذا التقدير انتقض قوله، وفي هذا نقض للشريعة. وأما قوله: والعجب من أبي حنيفة... إلى آخره، كلام فيه إساءة أدب وتشنيع بدون دليل جلي: فإن أبا حنيفة من أين أحتج بحديث جابر الجعفي في كونه ناسخا؟ ومن نقل هذا من الثقات عن أبي حنيفة حتى يكون متناقضا في قوله وفعله؟ بل احتج أبو حنيفة في نسخ هذا الباب مثل ما احتج به غيره كالثوري والشافعي وأبي ثور وجمهور السلف، كما مر مستوفى.
52 ((باب متى يسجد من خلف الإمام)) أي: هذا باب ترجمته: متى يسجد من خلف الإمام، يعني إذا اعتدل أو جلس بين السجدتين. قوله: (من) فاعل قوله: (يسجد).
قال أنس فإذا سجد فاسجدوا مطابقته للترجمة من حيث إنه يبين معنى متى يسجد من خلف الإمام، وهو أنه يسجد إذا سجد الإمام، بناء على تقدم الشرط على االجزاء، وهذا التعليق أخرجه موصولا في: باب إيجاب التكبير، فإن فيه: وإذا سجد فاسجدوا. وقال بعضهم: هو طرف من حديثه الماضي في الباب الذي قبله قلت: ليست هذه اللفظة في الحديث الماضي، وإنما هي في: باب إيجاب التكبير، كما ذكرنا وقال صاحب (التلويح): وفي بعض النسخ، قال أنس: إذا سجد فاسجدوا، يعني: من غير ذكره: عن النبي صلى الله عليه وسلم.
690 حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان قال حدثني أبو إسحاق قال حدثني عبد الله بن يزيد قال حدثني البراء وهو غير كذوب قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال سمع الله لمن حمده لم يحن أحد منا ظهره حتى يقع النبي صلى الله عليه وسلم ساجدا ثم نقع سجودا بعده