عمدة القاري - العيني - ج ٥ - الصفحة ٢١٢
منسوخ بقوله: (من نابه شيء في صلاته فليسبح)، وأنكره بعضهم، وقال: لأنه لا يختلف أن أول الحديث لا ينسخ آخره، ومذهب الشافعي والأوزاعي تخصيص النساء بالتصفيق، وهو ظاهر الحديث، وفي (سنن أبي داود): (إذا نابكم شيء في صلاة فليسبح الرجال وليصفق النساء.
الحادي والعشرون: فيه شكر الله على الوجاهة في الدين. والله أعلم بحقيقة الحال.
49 ((باب إذا استووا في القراءة فليؤمهم أكبرهم)) أي: هذا باب ترجمته: إذا استووا... إلى آخره، يعني إذا استوى الحاضرون للصلاة في القراءة فليؤمهم من كان أكبر السن منهم.
685 حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن مالك بن الحويرث قال قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم ونحن شببة فلبثنا عنده نحوا من عشرين ليلة وكان النبي صلى الله عليه وسلم رحيما فقال لو رجعتم إلى بلادكم فعلمتموهم مروهم فليصلوا صلاة كذا في حين كذا وصلاة كذا في حين كذا وإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم.
مطابقته للترجمة وإن لم تذكر في الحديث صريحا استواؤهم في القراءة من حيث اقتضاء القصة هذا القيد، لأنهم أسلموا وهاجروا معا، وصحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولازموه عشرين ليلة واستووا في الأخذ عنه، فلم يبق مما يقدم به إلا السن. وقال بعضهم: هذه الترجمة منتزعة من حديث أخرجه مسلم من رواية أبي مسعود الأنصاري مرفوعا: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى، فإن كانت قراءتهم سواء فليؤمهم أقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فليؤمهم أكبرهم سنا). انتهى. قلت: ما أبعد هذا الوجه لبيان التطابق بين الحديث والترجمة، فكيف يضع ترجمة لحديث أخرجه غيره، والمطلوب من التطابق أن يكون بين الترجمة وحديث الباب؟
ذكر رجاله: وهم خمسة، مضى ذكرهم غير مرة، وأيوب هو السختياني، وأبو قلابة هو عبد الله بن زيد الجرمي، وقد مضى حديث مالك بن الحويرث هذا في: باب من قال ليؤذن في السفر مؤذن واحد، أخرجه عن معلى بن أسد عن وهيب عن أيوب عن أبي قلابة عن مالك بن الحويرث، قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من قومي...) الحديث، وقد ذكرنا هناك جميع متعلقات الحديث مستوفى.
قوله: (ونحن شببة)، جملة اسمية وقعت حالا، و: الشببة، بفتح الشين المعجمة والباءين الموحدتين: جمع شاب وفي رواية في الأدب: (شببة متقاربون)، أي: في السن. قوله: (نحوا من عشرين)، وفي رواية هناك: (عشرين ليلة)، بتعيين العشرين جزما، والمراد بأيامها، كما وقع التصريح به في خبر الواحد من طريق عبد الوهاب: عن أيوب. قوله: (رحيما)، وفي رواية ابن علية وعبد الوهاب: (رحيما رقيقا). قوله: (لو رجعتم)، جواب: لو. قوله: (مروهم)، وقوله: (فعلمتوهم)، عطف على قوله: (رجعتم)، ويجوز أن يكون جواب: لو، محذوفا تقديره: لو رجعتم لكان خيرا لكا إن 4 ا قال، صلى الله عليه وسلم، ذلك لأنه على منهم أنهم اشتأقوا إلى أهليهم وأؤلادهم، والدليل على هذا رواية عبد الوهاب: (فظن أنا اشتقنا إلى أهلينا...) الحديث. فقال ذلك على طريق الإيناس، لأن في الأمر بالرجوع بغير هذا الوجه تنفيرا، والنبي صلى الله عليه وسلم يتحاشى عن ذلك، ثم على تقدير أن يكون جواب: لو، محذوفا يكون قوله: (مروهم) استئنافا، كأن سائلا سأل: ماذا نعلمهم؟ فقال: مروهم بالطاعات كذا وكذا، والأمر بها مستلزم للتعليم. قوله: (وليؤمكم أكبركم)، يعني: بالسن عند التساوي في شروط الإمامة، وإلا فالأسن إذا وجد وكان منهم من هو أصغر منه ولكنه أقرأ قدم الأقرأ، كما في حديث عمرو بن سلمة، وكان قد أم قومه في مسجد عشيرته وهو صغير وفيهم الشيوخ والكهول، ولكن قالوا: إنما كان تقديم الأقرأ في ذلك الزمان لأن كان في أول الإسلام حين كان الحفاظ قليلا، وتقديم عمرو كان لذلك، أو نقول: لا يكاد يوجد قارىء، إذ ذاك إلا وهو فقيه، وقد بسطنا الكلام فيه في: باب أهل العلم والفضل أحق بالإمامة.
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»