عمدة القاري - العيني - ج ٤ - الصفحة ٢٥٩
وعند ابن حبان من حديث أبي بن كعب: (أربعة وعشرين أو خمسة وعشرين درجة، وصلاة الرجل أذكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أذكى من صلاته مع الرجل، وصلاته مع الثلاثة أذكى من صلاته مع الرجلين، وما أكثر فهو أحب إلى ا عز وجل)، وعند أبي نعيم: عن العمري عن نافع بلفظ: (سبعة أو خمسة وعشرين)، وعند أحمد بسند جيد عن ابن مسعود، رضي ا تعالى عنه: (صلاة الجميع تفضل على صلاة الرجل وحده خمسة وعشرين ضعفا، كلها مثل صلاته)، وفي (مسند ابن أبي شيبة): (بضعا وعشرين درجة).
وعند السراج: (بخمس وعشرين صلاة)، وفي لفظ: (تزيد خمسا وعشرين)، وفي (تاريخ البخاري): من حديث الإفريقي عن قباث بن أشيم: (صلاة رجلين، يؤم أحدهما صاحبه، أذكى عند ا من أربعة تترى، وصلاة أربعة يؤمهم أحدهم أذكى عند ا من صلاة ثمانية تترى، وصلاة ثمانية يؤمهم أحدهم أذكى عند ا من صلاة مائة تترى)، وعند السراج، من حديث أنس موقوفا بسند صحيح: (تفضل صلاة الجميع على صلاة الرجل وحده بضعا وعشرين صلاة). وعند الكجي، من حديث أبان مرفوعا: (تفضل صلاة الجميع على صلاة الرجل وحده بأربع وعشرين صلاة)، وعند السراج بسند صحيح، وعن عائشة: (تفضل على صلاته وحده خمسا وعشرين درجة)، وكذا رواه معاذ عند الطبراني، وعند ابن أبي شيبة: عن عكرمة عن ابن عباس: (فضل صلاة الجماعة على صلاة الواحد خمس وعشرون درجة قال، فإن كانوا أكثر فعلى عدد من في المسجد، فقال رجل: وإن كانوا عشرة آلاف؟ قال: نعم). وعند ابن زنجويه، من حديث ابن الخطاب الدمشقي: عن زريق بن عبد ا الأنصاري: (صلاة الرجل في بيته، وصلاته في مسجد القبائل بخمس وعشرين صلاة، وصلاته في المسجد الذي يجمع فيه بخمسمائة صلاة). وفي فضائل القدس لأبي بكر محمد بن أحمد الواسطي، من حديث أبي الخطاب: (وصلاة في مسجد القبائل بست وعشرين، وصلاة في المسجد الأقصى بخمسين ألف صلاة، وصلاة في مسجدي بخمسين ألف صلاة، وصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة). ومن حديث عمار بن الحسن: حدثنا إبراهيم بن هدبة عن أنس مرفوعا مثله: وصلاته على الساحل بألفي ألف صلاة، وصلاته بسواك بأربع مائة ألف صلاة.
ذكر وجه هذه الروايات اختلفوا في وجه الجمع بين سبع وعشرين درجة وبين خمس وعشرين. فقيل: السبع متأخرة عن الخمس فكأن ا أخبره بخمس ثم زاده، ورد هذا بتعذر التاريخ، ورد هذا الرد بأن الفضائل لا تنسخ، فتعين أنه متأخر. وقيل: إن صلاة الجماعة في المسجد أفضل من صلاة الفذ في المسجد بسبع وعشرين درجة، ورد هذا بقوله: (وصلاة الرجل في جماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه بخمس وعشرين ضعفا). وقيل: إن الصلاة التي لم تكن فيها فضيلة الخطى إلى الصلاة، ولا فضيلة انتظارها تفضل بخمس، والتي فيها ذلك تفضل بخمس، والتي فيها ذلك تفضل بسبع. وقيل: إن ذلك يختلف باختلاف المصلين والصلاة، فمن أكملها وحافظ عليها فوق من أخل بشيء من ذلك، وقيل: إن الزيادة لصلاتي العشاء والصبح لاجتماع ملائكة الليل والنهار فيهما، ويؤيده حديث أبي هريرة: (تفضل صلاة أحدكم وحده بخمس وعشرين جزءا، وتجتمع ملائكة الليل والنهار في صلاة الفجر). فذكر اجتماع الملائكة بواو فاصلة، واستأنف الكلام وقطعه من الجملة المتقدمة، وقيل: لا منافاة بين الحدثين لأن ذكر القليل لا ينافي الكثير، ومفهوم العدد باطل عند جماعة من الأصوليين. وقال ابن الأثير: إنما قال: درجة، ولم يقل: جزءا ولا نصيبا ولا حافظا ولا شيئا من أمثال ذلك، لأنه أراد الثواب من جهة العلو والارتفاع، وأن تلك فوق هذه بكذا وكذا درجة، لأن الدرجات إلى جهة فوق قلت: قد جاء فيه لفظ: الجزء والضعف، وقد تقدما عن قريب، فكأنه لم يطلع عليهما. وقيل: إن الدرجة أصغر من الجزء، فكأن الخمسة والعشرين إذا جزئت درجات كانت سبعا وعشرين درجة قلت: هذا ليس بصحيح لأنه جاء في الصحيحين: سبعا وعشرين درجة وخمسا وعشرين درجة فاختلف القدر مع اتحاد لفظ الدرجة. وقد قيل: يحتمل أن تكون الدرجة في الآخرة والجزء في الدنيا فإن قلت: قد علم وجه الجمع بين هذين العددين، ولكن ما الحكمة في التنصيص عليهما؟ قلت: نقل الطيبي عن التوربشتي: وأما وجه قصر أبواب الفضيلة على خمس وعشرين تارة، وعلى سبع وعشرين أخرى فإن المرجع في حقيقة ذلك إلى علوم النبوة التي قصرت عقل الألباء عن إدراك جملها وتفاصيلها، ولعل الفائدة فيما كشف به حضرة النبوة وهي اجتماع المسلمين مصطفين كصفوف الملائكة والاقتداء بالإمام وإظهار شعائر الإسلام وغيرها انتهى قلت: هذا لا يشفي الغليل ولا يجدي العليل، والذي ظهر لي في هذا
(٢٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 ... » »»