عمدة القاري - العيني - ج ٤ - الصفحة ٢٤٨
قتل أبوه وعمه يوم أحد كافرين في جماعة من بني عمهما وهاجر هذا مع خالد بن الوليد وعمرو ودفع النبي له وإلى ابن عمه شيبة بن عثمان مفتاح الكعبة وقال الكرماني أسلم يوم هدنة الحديبية وجاء يوم الفتح بمفتاح الكعبة وفتحها فقال رسول الله ' خذوها ' يعني المفتاح ' يا آل أبي طلحة خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم ' ثم نزل المدينة فأقام بها إلى وفاة النبي ثم تحول إلى مكة ومات بها سنة اثنتين وأربعين قوله ' وبلال ' عطف على قول النبي أي ودخل بلال أيضا مع النبي ودخل أيضا أسامة بن زيد وعثمان بن أبي طلحة وإدخاله هؤلاء الثلاثة معه لمعان تخص كل واحد منهم فأما دخول بلال فلكونه مؤذنه وخادم أمر صلاته وأما أسامة فلأنه كان يتولى خدمة ما يحتاج إليه وأما عثمان فلئلا يتوهم الناس أنه عزله ولأنه كان يقوم بفتح الباب وإغلاقه قوله ' فبدرت ' أي أسرعت قوله ' فسألت بلالا ' أي عن صلاة النبي في الكعبة قوله ' فقلت في أي ' أي في أي نواحيه ويروى في أي نواحيه بوجود المضاف إليه قوله ' بين الأسطوانتين ' هي تثنية الأسطوانة بضم الهمزة وزنها أفعوالة وقيل فعلوانة وقيل افعلانة قوله ' فذهب علي ' أي فات مني سؤال الكمية قوله ' أن أسأله ' بفتح أن مصدرية في محل الرفع لأنه فاعل ذهب (ومما يستفاد منه) ما قاله الخطابي وابن بطال أن إغلاق باب الكعبة كان لئلا يكثر الناس عليه فيصلوا بصلاته ويكون ذلك عندهم من المناسك كما فعل في صلاة الليل حين لم يخرج إليهم خشية أن تكتب عليهم وقيل إنما كان ذلك لئلا يزدحموا عليه لتوفر دواعيهم على مراعاة أفعاله ليأخذوها عنه وقيل ليكون ذلك أسكن لقلبه وأجمع لخشوعه. ومنها ما قال ابن بطال اتخاذ الأبواب للمساجد واجب وقد ذكرناه عن قريب. ومنها أن المستحب لمن يدخل الكعبة أن يصلي بين الأسطوانتين كما فعل النبي وسيجئ في كتاب الحج عن ابن عمر أنه سأل بلالا هل صلى فيه رسول الله قال نعم بين العمودين اليمانيين وفي لفظ ' جعل العمودين عن يساره وعمودا عن يمينه وثلاثة أعمدة وراءه وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة ثم صلى ' وفي لفظ ' فمكث في البيت نهارا طويلا ثم خرج فابتدر الناس من الدخول فسبقتهم فوجدت بلالا قائما وراء البيت فقلت له أين صلى فقال بين ذينك العمودين المقدمين قال ونسيت أن أسأله كم صلى وعند المكان الذي صلى فيه مرة مرة حمراء ' وروى أحمد من حديث عثمان بن أبي طلحة بسند صالح ' أن النبي دخل البيت فصلى ركعتين بين الساريتين ' وفي فوائد سمويه بن عبد الرحمن بن الوضاح قال ' قلت لشيبة زعموا أن النبي دخل الكعبة فلم يصل فيها قال كذبوا وأبي لقد صلى ركعتين بين العمودين ثم ألصق بهما بطنه وظهره ' * - 28 ((باب دخول المشرك المسجد)) أي: هذا باب في بيان جواز دخول المشرك المسجد، وفيه خلاف، فعندنا يجوز مطلقا، وعند المالكية والمزني المنع مطلقا، وعند الشافعية التفصيل بين المسجد الحرام وغيره، ولنا حديث الباب.
38
(٢٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 ... » »»