رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه خرج لحاجته فاتبعه المغيرة باداوة فيها ماء فصب عليه حين فرغ من حاجته فتوضأ ومسح على الخفين.
.
مطابقة الحديث للترجمة ظاهرة.
بيان رجاله وهم سبعة: الأول: عمرو، بالواو: ابن خالد بن فروخ، بالفاء المفتوحة وضم الراء المشددة وفي آخره خاء معجمة: أبو الحسن الحراني، ونسبته إلى حران، بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء وبعد الألف نون. قال الكرماني: موضع بالجزيرة بين العراق والشام. قلت: ليس كما قاله، بل هي مدينة قديمة بين دجلة والفرات كانت تعدل ديار مصر، واليوم خراب. وقيل: هي مولد إبراهيم الخليل، عليه الصلاة والسلام، ويوسف وإخوته، عليهم الصلاة والسلام. وقال ابن الكلبي: لما خرج نوح، عليه الصلاة والسلام، من السفينة بناها. وقيل: إنما بناها ران، خال يعقوب، عليه الصلاة والسلام، فأبدلت العرب الهاء حاء فقالوا: احران. الثاني: الليث بن سعد المصري. الثالث: يحيى بن سعيد الأنصاري. تقدما في كتاب الوحي. الرابع: سعد، بسكون العين؛ ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف. الخامس: نافع بن جبير بن مطعم. السادس: عروة بن المغيرة بن شعبة. السابع: أبو المغيرة بن شعبة.
بيان لطائف اسناده الأول: أن فيه التحديث بصيغة الجمع والعنعنة الكثيرة. والثاني: أن رواته ما بين حراني ومصري ومدني. والثالث: فيه أربعة من التابعين على الولاء، وهم: يحيى وسعد ونافع وعروة.
بيان تعدد موضعه ومن أخرجه غيره أخرجه البخاري في مواضع في الطهارة عن عمرو بن علي عن عبد الوهاب الثقفي، وعن عمرو ابن خالد عن الليث، كلاهما عن يحيى بن سعد، وفي المغازي عن يحيى بن بكير عن الليث عن عبد العزيز بن أبي سلمة، كلاهما عن سعد بن إبراهيم عن نافع بن جبير بن مطعم عنه به، وفي الطهارة أيضا، وفي اللباس عن أبي نعيم عن زكريا بن أبي زائدة عن الشعبي عنه به، وأخرجه مسلم في الطهارة عن قتيبة، وفي الصلاة عن محمد بن رافع، وزاد في قصة الصلاة خلف عبد الرحمن بن عوف. وأخرجه أبو داود في الطهارة عن أحمد بن صالح، ولم يذكر قصة الصلاة، وعن مسدد عن عيسى بن يونس. وأخرجه النسائي فيه عن سليمان بن داود والحارث بن مسكين وعن قتيبة مختصرا وعن عبد الله بن سعد ابن إبراهيم. وأخرجه ابن ماجة فيه عن محمد بن رمح.
بيان المعاني قوله: (أنه خرج لحاجته) وفي الباب الذي بعد هذا أنه كان في غزوة تبوك على تردد في ذلم من بعض رواته ولمالك وأحمد وأبي داوود من طريق عباد بن زيد عن عروة بن المغيرة أنه كان في غزوة تبوك بلا تردد وأن ذلك كان عند صلاة الفجر قوله: (فأتبعه المغيرة). من الاتباع؛ بتشديد التاء: من باب الافتعال، ويروى: فاتبعه، من الاتباع بالتخفيف من باب الإفعال. وفي رواية للبخاري من طريق مسروق عن المغيرة في الجهاد وغيره: أن النبي، صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، وهو الذي أمره أن يتبعه بالإداوة. وزاد: (حتى توارى عني فقضى حاجته، ثم أقبل فتوضأ). وعند أحمد من طريق أخرى عن المغيرة أن الماء الذي توضأ به أخذه المغيرة من أعرابية صبته له من قربة كانت جلد ميتة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سلها إن كانت دبغتها فهو طهور ماؤها. قال: إني والله دبغتها. قوله: (بإداوة) بكسر الهمزة، أي بمطهرة. قوله: (فتوضأ)، وفي رواية البخاري في الجهاد زيادة وهي: (وعليه جبة شامية). وفي رواية أبي داود: (من صوف من جبات الروم). وللبخاري في روايته التي مضت في باب الرجل يوضىء صاحبه: (فغسل وجهه ويديه)، وذهل الكرماني عن هذه الرواية فقال: فإن قلت المفهوم من قوله: (فتوضأ ومسح) أنه غسل رجليه ومسح خفيه، لأن التوضؤ لا يطلق إلا على غسل تمام أعضاء الوضوء، ثم قال: قلت: المراد به ههنا غسل غير الرجلين بقرينة عطف مسح الخفين عليه للإجماع على عدم وجوب الجمع بين الغسل والمسح، أقول: وفي رواية للبخاري في الجهاد: (إنه تمضمض واستنشق وغسل وجهه). زاد أحمد في (مسنده) (ثلاث مرات، فذهب يخرج يديه من كميه فكانا ضيقين، فأخرجهما من تحت الجبة). ولمسلم من وجه آخر: (وألقى الجبة على منكبيه). ولأحمد: (فغسل يده اليمنى ثلاث مرات، ويده اليسرى ثلاث مرات). وللبخاري، في رواية أخرى: (ومسح برأسه). وفي رواية لمسلم: (ومسح بناصيته على العمامة وعلى الخفين)، ولو تأمل الكرماني هذه الروايات لما التجأ إلى هذا السؤال والجواب.