عمدة القاري - العيني - ج ٣ - الصفحة ٩٦
وعند ابن ماجة، بسند ضعيف عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن أبيه عن جده، قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يجزئ من الوضوء مد، ومن الغسل صاع). وكذا رواه الطبراني في (الأوسط) من حديث ابن عباس، وعند أبي نعيم في (معرفة الصحابة) من حديث أم سعد بنت زيد بن ثابت ترفعه: (الوضوء مد والغسل صاع). وقال الشافعي وأحمد: ليس معنى الحديث على التوقيت أنه لا يجوز أكثر من ولا أقل، بل هو قدر ما يكفي. وقال النووي: قال الشافعي وغيره من العلماء الجمع بين هذه الروايات: إنها كانت اغتسالات في أحوال وجدفيها أكثر ما استعمله وأقله، فدل على أنه لا حد في قدر ماء الطهارة يجب استيفاؤه. قلت: الإجماع قائم على ذلك، فالقلة والكثرة باعتبار الأشخاص والأحوال. فافهم.
والفرق، بفتح الفاء والراء، وقال أبو زيد: بفتح الراء وسكونها، وقال النووي: الفتح أفصح، وزعم الباجي أنه الصواب، وليس كما قال، بل هما لغتان. وقال ابن الأثير: الفرق، بالتحريك: يسع ستة عشر رطلا، وهو ثلاثة أصوع. وقيل: الفرق خمسة أقساط، وكل قسط نصف صاع. وأما الفرق، بالسكون، فمائة وعشرون رطلا، وقال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يقول: الفرق ستة عشر رطلا، والمكوك إناء يسع المد، معروف عندهم. وقال ابن الأثير: المكوك: المد، وقيل: الصاع، والأول أشبه، لأنه جاء في الحديث مفسرا بالمد. وقال أيضا: المكوك اسم للمكيال، ويختلف مقداره باختلاف اصطلاح الناس عليه في البلاد، ويجمع على مكاكي بإبدال الياء بالكاف الأخيرة، ويجىء أيضا على مكاكيك.
الحكم الثاني: أنه صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بالمد، وهو رطلان عند أبي حنيفة. وعند الشافعي: رطل وثلث بالعراقي، وقد ذكرناه، وأما الصاع: فعند أبي يوسف خمسة أرطال وثلث رطل عراقية، وبه قال مالك والشافعي وأحمد. وقال أبو حنيفة ومحمد: الصاع ثمانية أرطال، وحجة أبي يوسف ما رواه الطحاوي عنه، قال: قدمت المدينة، وأخرج إلى من أثق به صاعا، وقال: هذا صاع النبي صلى الله عليه وسلم، فوجدته خمسة أرطال وثلث، وقال الطحاوي: وسمعت ابن عمران يقول: الذي أخرجه لأبي يوسف هو مالك. وقال عثمان بن سعيد الدارمي: سمعت علي بن المديني يقول: عبرت صاع النبي صلى الله عليه وسلم فوجدته خمسة أرطال وثلث رطل، واحتج أبو حنيفة ومحمد بحديث جابر وأنس، رضي الله عنهما، وقد ذكرناه في أول الباب.
48 ((باب المسح على الخفين)) أي: هذا باب في بيان حكم المسح على الخفين.
والمناسبة بين البابين ظاهرة، لأن كل واحد منهما في حكم من أحكام الوضوء.
202 حدثنا أصبغ بن الفرج المصري عن ابن وهب قال حدثنى عمر وقال حدثنا أبو النضر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمر عن سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الخفين وأن عبد الله بن عمر سأل عمر عن ذلك فقال نعم إذا حدثك شيئا سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا تسأل عنه غيره.
مطابقة الحديث للترجمة ظاهرة.
بيان رجاله وهم سبعة: الأول: أصبغ، بفتح الهمزة وسكون الصاد المهملة وفتح الباء الموحدة وفي آخره عين معجمة: أبو عبد الله بن وهب القرشي المصري، ولم يكون في المصريين أحد أكثر حديثا منه، وأصبغ كان وراقا له، مر في باب من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين. الثالث: عمرو، بالواو و: ابن الحارث أبو أمية المؤدب الأنصاري المصري القارئ الفقيه، مات بمصر سنة ثمان وأربعين ومائة. الرابع: أبو النضر، بفتح النون وسكون الضاد المعجمة: سالم بن أبي أمية القرشي المدني، مولى عمر بن عبد الله التيمي وكاتبه، مات سنة تسع وعشرين ومائة. الخامس: أبو سلمة، بفتح اللام: عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف القرشي الفقيه المدني، مر في كتاب الوحي. السادس: عبد الله بن عمر بن الخطاب. السابع: سعد بن أبي وقاص، مر في باب: إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة.
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»