مات سنة خمس وثمانين ومائة، ثقة صدوق، عن أحمد أنه مضطرب الحديث. وقال محمد بن سعد: كان يتشيع، فأخذه هارون فحبسه زمانا ثم خلى عنه، وأقام ببغداد . الرابع: ابن عون، بفتح الغين المهملة وفي آخر نون: هو عبد الله بن عون، تابعي سيد قراء زمانه، وقد تقدم في باب قول النبي، عليه الصلاة والسلام، رب مبلغ. الخامس: محمد بن سيرين، وقد تكرر ذكره. السادس: أنس بن مالك، رضي الله عنه. السابع: أبو طلحة الأنصاري، زوج أم سليم، والدة أنس، رضي الله عنه. واسم أبي طلحة: زيد بن سهل بن الأسود النجاري، شهد العقبة وبدرا وأحدا والمشاهد كلها مع رسول الله، عليه الصلاة والسلام، مات بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين، وصلى عليه عثمان بن عفان.
بيان لطائف اسناده: منها: أن فيه التحديث والعنعنة. ومنها: أن رواته ما بين بغدادي، وهو شيخ البخاري، وواسطي وبصري. ومنها: أن فيه رواية تابعي عن تابعي، فالأول عبد الله بن عون. وفي مسلم وللنسائي عبد الله بن عون بن أمير مصر، وليس في الكتب الستة غيرهما، ومع هذه اللطائف إسناده نازل، لان البخاري سمع من شيخ شيخه سعيد بن سليمان، بل سمع من ابن عاصم وغيره من أصحاب ابن عون، فيقع بينه وبين ابن عون واحد، وهنا بينه وبينه ثلاثة أنفس.
بيان من اخراجه غيره لم يخرجه أحد من الستة غيره بهذه العبارة وهذا السند، وهو أيضا أخرجه هنا في كتابه فقط، وأخرجه أبو عوانة في صحيحه، ولفظه: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الحلاق فحلق رأسه ودفع إلى أبي طلحة الشق الأيمن، ثم حلق الشق الآخر فأمره أن يقسمه بين الناس). ورواه مسلم من طريق ابن عيينة عن هشام بن حسان عن ابن سيرين بلفظ: (لما رمى الجمرة ونحر نسكه ناول الحلاق شقه الأيمن فحلقه، ثم دعا أبا طلحة فأعطاه إياه، ثم ناوله الشق الأيسر فحلقه فأعطاه أبا طلحة، فقال: إقسمه بين الناس). وله من رواية حفص بن غياث عن هشام: (أنه قسم الأيمن فيمن يليه)، وفي لفظ: (فوزعه بين الناس. الشعرة والشعرتين. وأعطي الأيسر أم سليم). وفي لفظ: أبا طلحة. فإن قلت: في هذه الروايات تناقض ظاهر. قلت: لا تناقض، بل يجمع بينهما بأنه ناول أبا طلحة كلا من الشقين، فأما الأيمن فوزعه أبو طلحة بأمره بين الناس وأما الأيسر فأعطاه لأم سليم زوجته بأمره، عليه الصلاة والسلام أيضا، زاد أحمد في رواية له: (لتجعله في طيبها).
بيان استنباط الاحكام من الأحاديث المذكورة: الأول: أن فيه المواساة بين الأصحاب في العطية والهبة. الثاني: المواساة لا تستلزم المساواة. الثالث: فيه تنفيل من يتولى التفرقة على غيره. الرابع: فيه أن حلق الرأس سنة أو مستحبة اقتداء بفعله، عليه الصلاة والسلام. الخامس: فيه أن الشعر طاهر. السادس: أن فيه التبرك بشعر النبي، عليه الصلاة والسلام. السابع: أن فيه جواز اقتناء الشعر، فإن قلت: من كان الحالق لرسول الله عليه الصلاة والسلام؟ قلت: اختلفوا فيه، قيل: هو خراش بن أمية، وهو بكسر الخاء المعجمة وفي آخره شين معجمة أيضا. وقيل: معمر بن عبد الله، وهو الصحيح، وكان خراش هو الحالق بالحديبية.
172 حدثنا عبد الله بن يوسف عن مالك عن أبي الزناد عن الاعرج عن أبي هريرة قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا.
لما ذكر البخاري في هذا الباب حكمين ثانيهما في سؤر الكلب أتي بدليل من الخديث المرفوع وهو أيضا مطابق للترجمة بيان رجاله: وهم خمسة كلهم ذكروا غير مرة، ومالك هو ابن أنس، وأبو زناد، بكسر الزاي المعجمة بعدها النون، واسمه عبد الله بن ذكوان، والأعرج اسمه عبد الرحمن بن هرمز.
بيان لطائف اسناده: منها: أن فيه التحديث والإخبار والعنعنة. ومنها: أن رواته كلهم أئمة أجلاء. ومنها: أن رواته ما بين تنيسي ومدني.
بيان تعدد موضعه ومن أخرجه غيره أخرجه البخاري هنا عن عبد الله بن يوسف. وأخرجه مسلم في الطهارة عن يحيى بن يحيى. وأخرجه أبو داود فيه أيضا عن الحارث بن مسكين عن عبد الرحمن بن القاسم. وأخرجه النسائي فيه أيضا عن قتيبة. وأخرجه ابن ماجة أيضا عن محمد بن يحيى عن روح بن عبادة، خمستهم عن مالك به. وأخرجه مسلم أيضا من حديث الأعمش عن ابن رزين، وأبي صالح عن أبي هريرة، بلفظ: (إذا ولغ)، بدل: (شرب)، ومن حديث