ولم يعتد بالسبع، فيكون الولوغ من باب أولى.
وإن عارض هذا القائل بأنه لا يلزم من كونها أشد منه في الاستقذار أن لا تكون أشد منها في تغليظ الحكم. أجيب: بمنع عدم الملازمة، فإن تغليظ الحكم في ولوغ الكلب إما تعبدي وإما محمول على من غلب على ظنه أن نجاسة الولوغ لا تزول بأقل منها، وأما أنهم نهوا عن اتخاذه فلم ينتهوا فغلظ عليهم بذلك، وقال بعض أصحابنا: كان الأمر بالسبع عند الأمر بقتل الكلاب، فلما نهى عن قتلها نسخ الامر بالغسل سبعا. وإن عارض هذا القائل بأن الأمر بالقتل كان في أوائل الهجرة، والأمر بالغسل متأخر جدا، لأن من رواية أبي هريرة وعبد الله بن مغفل، وكان إسلامهما سنة سبع. أجيب: بأن كون الأمر بقتل الكلام، في أوائل الهجرة يحتاج إلى دليل قطعي، ولئن سلمنا ذلك فكان يمكن أن يكون أبو هريرة قد سمع ذلك من صحابي أنه أخبره أن النبي، عليه الصلاة والسلام، لما نهى عن قتل الكلاب نسخ الأمر بالغسل سبعا من غير تأخير، فرواه أبو هريرة عن النبي، عليه الصلاة والسلام، لاعتماده على صدق المروي عنه، لأن الصحابة كلهم عدول، وكذلك عبد الله بن المغفل، وقال بعض أصحابنا: عملت الشافعية بحديث أبي هريرة وتركوا العمل بحديث ابن المغفل، وكان يلزمهم العمل بذلك، ويوجبوا ثماني غسلات. وعارض هذا القائل بأنه لا يلزم من كون الشافعية لا يقولون بحديث ابن مغفل ان يتركوا العمل بالحديث أصلا ورأسا، لأن اعتذار الشافعية عن ذلك، إن كان متجها فذاك، وإلا فكل من الفريقين ملوم في ترك العمل به. وأجيب: بأن زيادة الثقة مقبولة ولا سيما من صحابي فقيه، وتركها لا وجه له، فالحديثان في نفس الأمر كالواحد، والعمل ببعض الحديث وترك بعضه لا يجوز، واعتذارهم غير متجه لذلك المعنى، ولا يلام الحنفية في ذلك لأنهم عملوا بالحديث الناسخ وتركوا العمل بالمنسوخ، وقال بعض الحنفية: وقع الإجماع على خلافه في العمل. وعارض هذا القائل بأنه ثبت القول بذلك عن الحسن، وبه قال أحمد في رواية. وأجيب: بأن مخالفة الأقل لا تمنع انعقاد الإجماع، وهو مذهب كثير من الأصوليين. وقالوا عن الشافعي أنه قال: حديث ابن مغفل لم أقف على صحته، قلنا هذا ليس بعذر، وقد وقف جماعة كثيرون على صحته، ولا يلزم من عدم ثبوته عند الشافعي ترك العمل به عند غيره.
173 حدثنا إسحاق قال أخبرنا عبد الصمد قال حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار قال سمعت أبي عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا رأى كلبا يأكل الثرى من العطش فأخذ الرجل خفه فجعل يغرف له به حتى أرواه فشكر الله له فأدخله الجنة.
.
هذا من الأحاديث التي احتج بها البخاري على طهارة سؤر الكلب، على ما يأتي في الأحكام.
بيان رجاله وهم ستة، الأول: إسحاق بن منصور الكوسج، على ما جزم به أبو نعيم في (المستخرج)، وقال الكلاباذي والجياني: إسحاق بن منصور، وإسحاق بن إبراهيم يرويان عن عبد الصمد. وقال الكرماني: إسحاق هذا هو ابن إبراهيم. قلت: إسحاق بن منصور بن بهرام الكوسج الحافظ، أبو يعقوب التيمي المروزي نزيل نيسابور. قال مسلم: ثقة مأمون أحد الأئمة، مات في جمادى الأولى سنة إحدى وخمسين ومائين، روى عنه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة، وأما إسحاق بن إبراهيم بن العلاء، أبو يعقوب الحمصي، روى عنه البخاري في الأدب. وقال النسائي: ليس بثقة. وإسحاق بن إبراهيم بن أبي إسرائيل أبو يعقوب المروزي، روى عنه البخاري أيضا في الأدب، وعن يحيى ثقة. وإسحاق بن إبراهيم البغوي لؤلؤ ابن عم أحمد بن منيع، روى عنه البخاري، ووثقه الدارقطني وجماعة، وإسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن إبراهيم الإمام، أبو يعقوب الحنظلي النيسابوري الدارقطني المروزي الأصل، المعروف بابن راهويه، أحد الأعلام، روى عنه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي. الثاني: عبد الصمد بن عبد الوارث، تقدم. الثالث: عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار المزني العدوي، مولى ابن عمر بن الخطاب، تكلموا فيه لكنه صدوق، وهو من أفراد البخاري عن مسلم، وروى له أبو داود والترمذي والنسائي. الرابع: أبوه عبد الله ابن دينار، مولى ابن عمر التابعي، وليس في كتب الستة سواه. نعم في ابن ماجة: عبد الله بن دينار الحمصي، وليس بقوي. الخامس: أبو صالح الزيات ذكوان، وقد تقدم. السادس: أبو هريرة؟ رضي الله تعالى عنه.
بيان لطائف اسناده منها: أن فيه التحديث