الإبط وحلق الرأس والسلام من الصلاة وغسل أعضاء الطهارة والخروج إلى الخلاء والأكل والشرب والمصافحة واستلام الحجر الأسود، وغير ذلك مما هو في معناه، يستحب التيامن فيه؛ وأما ما كان بضده: كدخول الخلاء والخروج من المسجد والامتخاط والاستنجاء وخلع الثوب والسراويل والخف وما أشبه ذلك، فيستحب التياسر فيه، ويقال: حقيقة الشأن ما كان فعلا مقصودا، وما يستحب فيه التياسر ليس من الأفعال المقصودة، بل هي إما تروك وإما غير مقصودة.
بيان استنباط الأحكام الأول: فيه الدلالة على شرف اليمين وقد مر في معنى الحديث السابق. الثاني: فيه استحباب البداءة بشق الرأس الأيمن في الرتجل والغسل والحلق. فإن قلت: هو من باب الإزالة، فكان ينبغي أن يبدأ بالأيسر. قلت: لا، بل هو من باب التزيين والتجميل. الثالث: فيه استحباب البداية في التنعل والتخفف كذلك. الرابع: فيه استحباب البداءة باليمين في الوضوء، وقال ابن المنذر: أجمعوا على أن لا إعادة على من بدأ بيساره في وضوئه قبل يمينه وروينا عن علي وابن مسعود، رضي الله تعالى عنهما، أنهما قالا: (لا تبالي بأي شيء بدأت). زاد الدارقطني: أبا هريرة، ونقل المرتضى الشيعة عن الشافعي في (القديم): وجوب تقديم اليمين على اليسرى، ونسب المرتضى في ذلك إلى الغلط، فكأنه ظن أن ذلك لازم من وجوب الترتيب عند الشافعي، وقال [قع النووي [/ قع: أجمع العلماء على أن تقديم اليمين في الوضوء سنة من خالفها فاته الفضل وتم وضوؤه، والمراد من قوله: العلماء أهل السنة، لأن مذهب الشيعة الوجوب، وقد صحف العمراني في (البيان) والبندنيجي في (التجريد). الشيعة، بالشين المعجمة، بالسبعة من العدد في نسبتها القول بالوجوب إلى الفقهاء السبعة، وفي كلام الرافعي أيضا ما يوهم أن أحمد بن حنبل قال بوجوبه، وليس كذلك، لأن صاحب (المغني) قال: لا نعلم في عدم الوجوب خلافا. فإن قلت: روى أبو داود والترمذي بإسناد جيد عن أبي هريرة، رضي الله تعالى عنه، أنه، عليه الصلاة والسلام، قال: (إذا توضأتم فابدأوا بميامنكم). وفي أكثر طرقه: (بأيامنكم)، جمع: أيمن، (إذا لبستم وإذا توضأتم). قلت: الأمر فيه للاستحباب. وقال النووي: واعلم أن الابتداء باليسار، وإن كان مجزئا، فهو مكروه، نص عليه الشافعي، رضي الله عنه في (الام)، وقال أيضا: ثم اعلم أن من الأعضاء في والوضوء ما لا يستحب فيه التيامن وهو: الأذنان والكفان والخدان، بل يطهران دفعة واحدة، فإن تعذر ذلك كما في حق الأقطع ونحوه قدم اليمين، ومما روي في هذا الباب عن ابن عمر قال: خير المسجد المقام ثم ميامن المسجد. وقال سعيد بن المسيب، يصلي في الشق الأيمن من المسجد، وكان إبراهيم يعجبه أن يقوم عن يمين الإمام، وكان أنس يصلي في الشق الأيمن، وكذا عن الحسن وابن سيرين.
32 ((باب التماس الوضوء إذا حانت الصلاة)) أي: هذا باب في بيان التماس الوضوء إذا حانت الصلاة. والوضوء، بفتح الواو: وهو الماء الذي يتوضأ به. قوله: (إذا حانت) أي: قربت، يقال: حان حينه أي : قرب وقته.
وجه المناسبة بين البابين ما يأتي إلا بالجر الثقيل، وهو أن المذكور في الباب السابق طلب التيمن لأجل الوضوء والغسل، وههنا طلب الماء لأجل الوضوء.
وقالت عائشة حضرت الصبح فالتمس الماء فلم يوجد فنزل التيمم مطابقة الحديث للترجمة في قوله: (فالتمس الماء). وفي قوله: (فالتمس الناس الوضوء)، وهذا تعليق صحيح لأنه أخرجه في كتابه مسندا في مواضع شتى، وهو قطعة من حديثها في قصة نزول آية التيمم، ذكره في كتاب التيمم. قوله: (حضرت الصبح)، القياس: حضر الصبح، لأنه مذكر، والتأنيث باعتبار صلاة الصبح. قوله: (فالتمس) بضم التاء على صيغة المجهول. قوله: (فنزل التيمم) أي: فنزلت آية التيمم، وإسناد النزول إلى التيمم مجاز عقلي.
169 حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك أنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحانت صلاة العصر فالتمس