وكان علي، رضي الله تعالى عنه، يقيل عندها، وكانت تنتف إبطه بورسة. لها أربعون حديثا اتفقا على سبعة أو ستة، وللبخاري حديث، ولمسلم آخر، روى لها الجماعة.
بيان لطائف اسناده منها: أن رواته كلهم بصريون. ومنها: أن فيه التحديث والعنعنة. ومنها: أن فيه رواية التابعية عن الصحابية.
بيان تعدد موضعه ومن أخرجه غيره أخرجه البخاري أيضا في الجنائز عن محمد بن عبد الوهاب الثقفي، وعن حامد بن عمر عن حماد بن زيد، كلاهما عن أيوب به، وحديث الثقفي أتم. وأخرجه مسلم والنسائي جميعا فيه عن قتيبة عن حماد بن زيد به. وأخرجه ابن ماجة عن أبي بكر بن أبي شيبة عن الثقفي به.
بيان المعاني قوله: (لهن) أي: لأم عطية ولمن معها. قوله: (في غسل ابنته) أي: صفة غسل ابنته. قيل: اسمها أم كلثوم زوج عثمان بن عفان، غسلتها أسماء بنت عميس وصفية بنت عبد المطلب، وشهدت أم عطية غسلها، وذكرت قوله، عليه السلام، في كيفية غسلها، وفي (صحيح مسلم) أنها زينب، رضي الله تعالى عنها، بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وماتت في السنة الثانية، ولما نقل القاضي عياض عن بعض أهل السير أنها أم كلثوم قال: الصواب زينب، كما صرح به مسلم في روايته، وقد يجمع بينهما بأنها: غسلت زينب وحضرت غسل أم كلثوم، وذكر المنذري في حواشيه: أن أم كلثوم توفيت ورسول الله صلى الله عليه وسلم ببدر غائب، وغلط في ذلك، فتلك رقية، ولما دفن أم كلثوم قال، عليه الصلاة والسلام: (دفن البنات من المكرمات)، والعجب من الكرماني أنه يقول: قال النووي في (تهذيب الأسماء): إن المغسولة اسمها زينب، وهذا مسلم قد صرح به، فكأنه ما كان ينظر فيه حتى نسب ذاك إلى النووي.
بيان استنباط الأحكام الأول: استحباب الوضوء في أو غسل الميت، عملا بقوله: (ومواضع الوضوء منها)، ونقل النووي عن أبي حنيفة عدم استحبابه. قلت: هذا غير صحيح، ففي كتبنا مثل (القدوري) و (الهداية) يذكر ذلك، قال في (الهداية): لأن ذلك من سنة الغسل، غير أنه لا يمضمض ولا يستنشق، لأن إخراج الماء من فمه متعذر، وهل يتوضأ في الغسلة الأولى أو الثانية أو فيهما؟ فيه خلاف للمالكية حكاه القرطبي.
الثاني: استحباب تقديم الميامن في غسل الميت، ويلحق به الطهارات، وبه تشعر ترجمة البخاري، وكذا أنواع الفضائل، والأحاديث فيه كثيرة، وبالاستحباب قال أكثر العلماء. وقال ابن حزم: ولا بد من البدء بالميامن. وقال ابن سيرين: يبدأ بمواضع الوضوء ثم بالميامن. وقال أبو قلابة: يبدأ بالرأس ثم باللحية ثم بالميامن.
الثالث: فيه فضل اليمين على الشمال، ألا ترى قوله، عليه الصلاة والسلام، حاكيا عن ربه: (وكلتا يديه يمين)؟ وقال تعالى: * (فاما من أوتي كتابه بيمينه) * (سورة الحاقة: الآية 19، وسورة الانشقاق؛ الآية 7). وهم أهل الجنة.
168 حدثنا حفص بن عمر قال حدثنا شعبة قال أخبرني أشعث بن سليم قال سمعت أبي عن مسروق عن عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله.
.
فيه المطابقة للترجمة، لأن فيه إعجابه، عليه الصلاة والسلام، في شأنه كله، وهو بعمومه يتناول استحباب التيامن في كل شيء: في الوضوء والغسل والتغسيل وغير ذلك.
أما المناسبة بين الحديثين فظاهرة.
بيان رجاله وهم ستة: الأول: حفص ابن عمر الحوضي البصري الثبت الحجة، قال احمد: لا يؤخذ عليه حرف، مات سنة خمس وعشرين ومائتين بالبصرة، وليس في البخاري حفص بن عمر غيره، وفي السنن مفرقا جماعات. الثاني: شعبة بن الحجاج، وقد مر ذكره. الثالث: أشعث، بفتح الهمزة وسكون الشين المعجمة وفتح العين المهملة وفي آخره ثاء مثلثة: ابن سليم، بالتصغير، من ثقات شيوخ الكوفيين وهو الرابع: من الرواة، وهو سليم بن الأسود المحاربي، بضم الميم، الكوفي أبو الشعثاء، وشهرته بكنيته أكثر من اسمه. الخامس: مسروق بن الأجدع الكوفي، أبو عائشة، أسلم قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وأدرك الصدر الأول من الصحابة، وكانت عائشة أم المؤمنين قد تبنت مسروقا فسمى ابنته عائشة، فكني بأبي عائشة، وقد مر في باب علامات المنافق. السادس: أم المؤمنين عائشة، رضي الله عنها.