عمدة القاري - العيني - ج ٣ - الصفحة ٣٠
بيان لطائف إسناده منها: أن فيه التحديث والإخبار والعنعنة. ومنها: أن رواته ما بين بصري وكوفي. ومنها: أن فيه رواية الابن عن الأب. ومنها: أن فيه كبيرين قرينين من اتباع التابعين وهما: أشعث وشعبة. ومنها: أن فيه كبيرين قرينين من كبار التابعين وهما: سليم ومسروق.
بيان تعدد موضعه ومن أخرجه غيره أخرجه البخاري أيضا في الصلاة عن سليمان ابن حرب، وفي اللباس عن أبي الوليد وحجاج بن المنهال، وفي الأطعمة عن عبدان عن عبد الله بن المبارك، خمستهم عن شعبة عن أشعث بن أبي الشعثاء عن أبيه به. وأخرجه مسلم في الطهارة عن عبيد الله بن معاذ عن أبيه شعبة به، وعن يحيى بن يحيى عن أبي الأحوص عن أشعث به. وأخرجه أبو داود في اللباس عن حفص بن عمر وسلمة بن إبراهيم، كلاهما عن شعبة به. وأخرجه الترمذي في آخر الصلاة عن هناد بن السري عن أبي الأحوص به: وقال: حسن صحيح، وفي الشمائل عن أبي موسى عن غندر عن شعبة به وأخرجه النسائي في الطهارة، وفي الزينة عن محمد بن عبد الأعلى عن خالد بن الحارث، وعن سويد بن نصر عن ابن المبارك، كلاهما عن شعبة به. وأخرجه ابن ماجة في الطهارة عن هناد به، وعن سفيان بن وكيع عن عمر بن عبيد عن أشعث به.
بيان اللغات قوله: (يعجبه) من: الإعجاب، يقال: أعجبني هذا الشيء لحسنه. والعجيب: الأمر الذي يتعجب منه وكذلك العجاب بالضم والتخفيف وبالتشديد أكثر منه، وكذلك الأعجوبة، وعجبت من كذا وتعجبت منه واستعجبت بمعنى، والمصدر: العجب، بفتحتين. وأما العجب، بضم العين وسكون الجيم. فهو اسم من أعجب فلان بنفسه فهو معجب بفتح الجيم برأيه وبنفسه، وأما العجب، بفتح العين وسكون الجيم: فهو أصل الذنب. قوله: (التيمن) هو الأخذ باليمين في الأشياء. قوله: (تنعله) أي في لبسه النعل وهي التي تلبس في المشي، تسمى الآن تأسومه، قاله ابن الأثير، وهي مؤنثة، يقال: نعلت وأنتعلت إذا لبست النعل، وانعلب الخيل، بالهمزة ومنه الحديث: (إن غسان تنعل خيلها)، وفي روايات البخاري كلها: (في تنعله)، بفتح التاء المثناة من فوق وفتح النون وتشديد العين، وهكذا ذكره الحميدي والحافظ عبد الحق في كتابيهما (الجمع بين الصحيحين) وفي رواية مسلم: (في نعله) على إفراد النعل، وفي بعض الروايات: (نعليه) بالتثنية، وقال النووي: وهما صحيحان ولم ير في شيء من نسخ بلادنا غير هذين الوجهين. قلت: الروايات كلها صحيحة. قوله: (وترجله) أي: في تمشيطه الشعر وهو تسريحه، وهو أعم من أن يكون في الرأس وفي اللحية، وقال بعضهم: وهو تسريحه ودهنه. قلت: اللفظ لا يدل على الدهن، فهذا التفسير من عنده ولم يفسره أهل اللغة كذلك، وفي (المغرب) للمطرزي: رجل شعره أي: أرسله بالمرجل، وهو المشط. وترجل فعل ذلك بنفسه، ويقال: شعر رجل ورجل، وهو: السبوطة والجعودة، وقد رجل رجلا ورجله هو، ورجل رجل الشعر ورجل، وجمعها أرجال ورجال، ذكره ابن سيده في (المحكم)، فانظر هل ترى شيئا فيه هذه المواد يدل على الدهن؟ والمرجل، بكسر الميم: المشط، وكذلك المسرح، بالكسر، ذكره في (الغريبين). قوله: (وطهوره) قال الكرماني: هو بصم الطاء ولا يجوز فتحها هنا. قلت: لا نسلم هذا على الإطلاق، لأن الخليل والأصمعي وأبا حاتم السجستاني والأزهري وآخرين ذهبوا إلى أن الطهور، بالفتح في الفعل الذي هو المصدر والماء الذي يتطهر به. وقال صاحب (المطالع): وحكي الضم فيهما، والفرق المذكور نقله ابن الأنباري عن جماعة من أهل اللغة، فإذا كان كذلك فقول الكرماني: ولا يجوز فتحها، غير صحيح على الإطلاق. قوله: (في شأنه) الشأن هو الحال والخطب، وأصله الشأن، بالهمزة الساكنة في وسطه، ولكنها سهلت بقلبها ألفا لكثرة استعماله، والشأن أيضا واحد الشؤون وهي، مواصل قبائل الرأس وملتقاها، ومنها تجيء الدموع.
بيان الإعراب قوله: (يعجبه) فعل ومفعول، و: التيمن، فاعله، والجملة في محل النصب على أنها خبر: كان، قوله: (في تنعله) في محل النصب على الحال من الضمير المنصوب الذي في يعجبه، والتقدير كان يعجبه التيمن حال كونه لابسا النعل. ويجوز أن يكون من التيمن أي: يعجبه التيمن حال كون التيمن في تنعله. قوله: (وترجله) عطف على: تنعله، و: ظهوره، عطف على: ترجله. قوله: (في شأنه) بدل من الثلاثة المذكورة قبله بدل الاشتمال، والشرط في بدل الاشتمال أن يكون المبدل منه مشتملا على الثاني، أي: متقاضيا له بوجه ما، وههنا كذلك على ما لا يخفي، وإذا لم يكن المبدل منه مشتملا على الثاني يكون بدل الغلط، وإنما قيل لهذا بدل الاشتمال من حيث اشتمال المتبوع، على التابع، لا كاشتمال الظرف
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»