عمدة القاري - العيني - ج ٣ - الصفحة ١٦
26 ((باب الاستجمار وترا)) أي: هذا باب في بيان حكم الاستجمار وترا، وقد مر تفسير الاستجمار في الباب السابق، والوتر خلاف الشفع، وانتصابه على الحال.
وجه المناسبة بين البابين من حديث إن المذكور في الباب السابق حكمان: أحدهما: الاستنثار. والآخر الاستجمار وترا، وكان الباب مقصورا على الحكم الأول. وهذا الباب المذكور فيه ثلاثة أشياء: أحدهما: الاستجمار وترا فاقتضت المناسبة أن يعقد بابا على الحكم. الآخر: الذي عقد لقرينه ولم يعقد له لأن ما فيه حكمان أو أكثر ذكر بعضها تلو بعض من وجوه المناسبة، ولا يلزم أن تكون المناسبة في الذكر بين الشيئين من كل وجه، سيما في كتاب يشتمل على أبواب كثيرة، والمقصود منها عقد التراجم، فاندفع بهذا كلام من يقول: تخليل هذا الباب بين أبواب الوضوء، وهو باب الاستنجاء، ومرتبته التقديم على أبواب الوضوء غير موجه. وجواب الكرماني، بقوله: معظم نظر البخاري إلى نقل الحديث، وإلى ما يتعلق بتصحيحه غير مهتم بتحسين الوضع وتزيين ترتيب الأبواب، لأن أمره سهل غير مرضي، ولا هو عذر يقبل منه. وكذا قول بعضهم: لأن أبواب الاستطابة لم تتميز في هذا الكتاب عن أبواب صفة الوضوء لتلازمها، ويحتمل أن يكون ذكل ممن دون المصنف.
162 حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الاعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا توضأأحدكم فليجعل في أنفه ثم لينثر ومن استجمر فليوتر وإذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه فان أحدكم لا يدري أين باتت يده.
(انظر الحديث: 161).
مطابقة الحديث للترجمة في قوله: (ومن استجمر فليوتر) وهذا الحديث مشتمل على ثلاثة أحكام، وعقد الترجمة على الاستجمار الذي هو أحد الأحكام للوجه الذي ذكرناه.
بيان رجاله وهم خمسة، وعبد الله بن يوسف بن علي التنيسي تقدم ذكره في باب الوحي، والبقية تقدم ذكرهم جميعا في باب حب الرسول من الإيمان، وأبو الزناد، بكسر الزاي وبالنون: عبد الله بن ذكوان. والأعرج هو عبد الرحمن بن هرمز.
بيان لطائف إسناده منها: أن فيه التحديث والإخبار والعنعنة. ومنها: أن رواته كلهم مدنيون ما خلا عبد الله. ومنها: ما قاله البخاري: أصح أسانيد أبي هريرة: مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنهم.
بيان تعدد موضعه ومن أخرجه غيره أخرجه البخاري أيضا في الطهارة عن القعنبي عن مالك، وأخرجه النسائي فيه أيضا عن الحسين بن عيسى البسطامي عن معين بن عيسى عن مالك. وأخرجه مسلم من طريق آخر: حدثنا نصر بن علي الجهضمي وحامد بن عمر التكراوي قالا: حدثنا بشر بن المفضل عن خالد بن عبد الله بن شقيق عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يذده في الإناء حتى يغسلها ثلاث مرات فإنه لا يدري أين باتت يده). وفي لفظ: (إذا توضأ أحدكم فليستنشق بمنخريه من الماء ثم ليستنثر). وفي لفظ: (فلا يغمس يده في الأناء حتى يغسلها ثلاثا). وفي لفظ: (إذا استيقظ أحدكم فليفرغ على يديه ثلاث مرات قبل أن يدخل يده في إنائه، فإنه لا يدري فيما باتت يده). وأخرجه أبو داود أيضا من طريق خر، حدثنا مسدد قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي رزين وأبي صالح عن أبي هريرة قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا قام أحدكم من الليل يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاث مرات فإنه لا يدري أين باتت يده) وأخرجه الترمذي من وجه آخر: حدثنا أبو الوليد الدمشقي، قال: حدثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (إذا استيقظ أحدكم من الليل فلا يدخل يده في الإناء حتى يفرغ عليها مرتين أو ثلاثا، فإنه لا يدري أين باتت يده). وأخرجه النسائي من وجه آخر: أنبأنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا سفيان عن الزهري عن سلمة عن أبي هريرة أن النبي،
(١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 ... » »»