أن فيه رواية الصحابي عن الصحابي. ومنها: أنه ذكر في الموصول: الزهري، وفي التعليق: ابن شهاب، تنبيها على قوة محافظة ما سمعه من الشيوخ. ومنها: أن فيه كلمة (ح) مهملة، إشارة إلى تحويل الإسناد.
بيان تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: أخرجه البخاري أيضا في النكاح عن أبي اليمان، كما أخرجه ههنا عن عنه، وفي المظالم عن يحيى بن بكير عن ليث عن عقيل عن الزهري به، وأخرجه مسلم في الطلاق عن إسحاق بن إبراهيم وابن عمر كلاهما عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري به. وأخرجه الترمذي في التفسير عن عبد بن حميد عن عبد الرزاق بطوله. وأخرجه النسائي في الصوم عن عمرو بن منصور عن الحكم بن نافع به، وعن عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد عن عمه يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن صالح بن كيسان عن الزهري به، وفي عشرة النساء عن محمد بن عبد الأعلى عن محمد بن ثور عن معمر به.
بيان اللغات: قوله: (من الأنصار) جمع ناصر أو نصير، وهم عبارة عن الصحابة الذين آووا ونصروا رسول الله، عليه السلام، من أهل المدينة، رضي الله عنهم، وهو اسم إسلامي سمى الله تعالى به الأوس والخزرج. ولم يكونوا يدعون الأنصار قبل نصرتهم رسول الله، عليه السلام، ولا قبل نزول القرآن بذلك. قوله: (في بني أمية بن زيد) أي: في هذه القبيلة، ومواضعهم يعني: في ناحية بني أمية. سميت البقعة باسم من نزلها. قوله: (من عوالي المدينة) هو جمع: عالية، وعوالي المدينة عبارة عن قرى بقرب مدينة رسول الله، عليه الصلاة والسلام، من فوقها من جهة الشرق، وأقرب العوالي إلى المدينة على ميلين أو ثلاثة أميال وأربعة، وأبعدها ثمانية. وفي (الصحاح): العالية ما فوق نجد إلى أرض تهامة، وإلى أرض مكة وهي الحجاز وما والاها، والنسبة إليها: عالي، ويقال أيضا: علوي، على غير قياس، ويقال: عالي الرجل، وأعلى: إذا أتى عالية نجد. قوله: (ففزعت)، بكسر الزاي: أي خفت، لأن الضرب الشديد كان على خلاف العادة.
بيان الإعراب: قوله: (وجار)، بالرفع: لأنه عطف على الضمير المنفصل المرفوع. أعني قوله: أنا، وإنما أظهر أنا لصحة العطف حتى لا يلزم عطف الاسم على الفعل، هذا قول البصرية. وعند الكوفية: يجوز من غير إعادة الضمير، ويجوز فيه النصب على معنى المعية. قوله: (لي): جار ومجرور في محل الرفع، أو النصب على الوصفية لجار. قوله: (من الأنصار) كلمة: من، بيانية. قوله: (في بني أمية) في محل نصب لأنه خبر: كان، أي: مستقرين فيها، أو نازلين أو كائنين، ونحو ذلك. قوله: (وهو) مبتدأ، وخبره قوله: (من عوالي المدينة). قوله: (نتناوب) جملة في محل النصب على أنها خبر: كان، و: النزول، بالنصب على أنه مفعول: نتناوب. قوله: (ينزل)، جملة في محل الرفع على أنها خبر مبتدأ محذوف، أي: جاري ينزل يوما، وهو نصب على الظرفية. قوله: (وأنزل) عطف على: ينزل. قوله: (فإذا) للظرفية، لكنه تضمن معنى الشرط. وقوله: (جئته) جوابه. قوله: (من الوحي) بيان للخبر. قوله: (وإذا نزل) أي: جاري. قوله: (الأنصاري) بالرفع صفة لقوله: (صاحبي)، وهو مرفوع لأنه فاعل: نزل. فإن قلت: الجمع إذا أريد النسبة إليه يرد إلى المفرد، ثم ينسب إليه. قلت: الأنصاري ههنا صار علما لهم، فهو كالمفرد، فلهذا نسب إليه بدون الرد. قوله: (فضرب بابي) عطف على مقدر أي: فسمع اعتزال الرسول، عليه الصلاة والسلام، عن زوجاته، فرجع إلى العوالي، فجاء إلى بابي فضرب.. ومثل هذه الفاء تسمى بالفاء الفصيحة، وقد ذكرناها غير مرة. قوله: (أثم؟) هو: بفتح الثاء المثلثة وتشديد الميم، وهو اسم يشار به إلى المكان البعيد، نحو قوله: * (وازلفنا ثم الآخرين) * (الشعراء: 64) وهو ظرف لا يتصرف، فلذلك غلط من أعربه مفعولا: لرأيت، في قوله تعالى: * (وإذا رأيت ثم رأيت نعيما) * (الإنسان: 20) ولا يتقدمه حرف التنبيه ولا يتأخر عنه كاف الخطاب. قوله: (ففزعت): الفاء فيه للتعليل، أي لأجل الضرب الشديد فزعت، والفاء في فخرجت: للعطف، ويحتمل السببية، لأن فزعه كان سببا لخروجه. والفاء في: فقال، للعطف. قوله: (قد حدث أمر عظيم)، جملة وقعت مقول القول. قوله: (فدخلت) أي: قال عمر، رضي الله عنه: دخلت. ويفهم من ظاهر الكلام أن: دخلت، من كلام الأنصاري وليس كذلك، وإنما الداخل هو عمر، رضي الله عنه، وإنما وقع هذا من الاختصار وإلا ففي أصل الحديث بعد قوله: (امر عظيم طلق رسول الله عليه السلام نساءه). قلت: قد كنت أظن أن هذا كائن حتى إذا صليت الصبح شددت علي ثيابي، ثم نزلت. فدخلت على حفصة، أراد أم المؤمنين بنته، رضي الله عنهما.
وفي رواية الكشميهني: (قد حدث أمر عظيم فدخلت) بالفاء. فإن قلت: ما هذه الفاء؟ قلت: الفاء الفصيحة، تفصح عن المقدر. لأن التقدير نزلت من العوالي فجئت إلى المدينة فدخلت. قوله: (فإذا) للمفاجأة، وهي متبدأ: وتبكي، خبره. قوله: (طلقكن؟) وفي رواية: (أطلقكن؟)، بهمزة الاستفهام. قوله: