عمدة القاري - العيني - ج ٢ - الصفحة ٩٣
86 حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا وهيب قال: حدثنا هشام عن فاطمة عن أسماء قالت: أتيت عائشة وهي تصلي فقلت: ما شأن الناس؟ فأشارت إلى السماء فإذا الناس قيام، فقالت: سبحان الله! قلت: آية؟ فأشارت برأسها أي: نعم، فقمت حتى تجلاني الغشي فجعلت أصب على رأسي الماء، فحمد الله عز وجل النبي صلى الله عليه وسلم وأثنى عليه ثم قال: (ما من شيء لم أكن أريته إلا رأيته في مقامي حتى الجنة والنار فأوحي إلي أنكم تفتنون في قبوركم مثل أو قريب، لا أدري أي ذلك قالت أسماء. من فتنة المسيح الدجال، يقال: ما علمك بهذا الرجل؟ فأما المؤمن) أو الموقن، لا أدري بأيهما قالت أسماء فيقول: (هو محمد رسول الله جاءنا بالبينات والهدى فأجبنا واتبعنا، هو محمد ثلاثا، فيقال: نم صالحا قد علمنا إن كنت لموقنا به، وأما المنافق) أو المرتاب، لا أدري أي ذلك قالت أسماء (فيقول: لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئا فقلته).
.
مطابقة هذا الحديث للترجمة من حيث إن فيه الإشارة بالرأس، لكنه من فعل عائشة، رضي الله عنها، وقال بعضهم: فيكون موقوفا، لكن له حكم المرفوع لأنها كانت تصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم، وكان في الصلاة يرى من خلفه. قلت: لا يحتاج إلى هذا التكلف، بل وجود شيء في حديث الباب مما هو مطابق للترجمة كاف. وقال الكرماني: فإن قلت: هذا الحديث لا يدل إلا على بعض الترجمة، وهو الإشارة بالرأس، كما أن الأولين لا يدلان أيضا إلا على البعض الآخر، وهو الإشارة باليد. قلت: لا يلزم أن يدل كل حديث في الباب على تمام الترجمة، بل إذا دل البعض على البعض بحيث دل المجموع على المجموع صحت الترجمة، ومثله مر في كتاب بدء الوحي.
بيان رجاله: وهم خمسة: الأول: موسى بن إسماعيل. الثاني: وهيب بن خالد، وقد ذكرا الآن. الثالث: هشام بن عروة بن الزبير بن العوام، رضي الله عنهم، وقد تقدم. الرابع: فاطمة بنت المنذر بن الزبير بن العوام، وهي زوجة هشام بن عروة، وبنت عمه. روت عن جدتها أسماء، روى عنها زوجها هشام ومحمد بن إسحاق. وقال أحمد بن عبد الله: تابعية ثقة، روى لها الجماعة. الخامس: أسماء بنت أبي بكر الصديق، زوجة الزبير، رضي الله عنهم، وكان عبد الله بن أبي بكر شقيقها، وعائشة وعبد الرحمن أخواها لأبيها، وهي ذات النطاقين، ولدت قبل الهجرة بسبع وعشرين سنة، وأسلمت بعد سبعة عشر إنسانا، روي لها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة وخمسون حديثا، انفرد البخاري بأربعة، ومسلم بمثلها، واتفقا على أربعة عشر، توفيت بمكة في جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين بعد قتل ابنها عبد الله بن الزبير، وقد بلغت المائة ولم يسقط لها سن ولم يتغير عقلها، رضي الله تعالى عنها.
بيان لطائف إسناده: منها: أن فيه التحديث والعنعنة، ومنها: أن فيه رواية تابعية عن صحابية مع ذكر صحابية أخرى. ومنها: أن رواته ما بين بصري ومدني.
بيان تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: أخرجه البخاري أيضا في الطهارة عن إسماعيل، وفي الكسوف عن عبد الله بن يوسف، وفي الاعتصام عن القعنبي، ثلاثتهم عن مالك، وفي كتاب الجمعة في: باب من قال في الخطبة: أما بعد، وقال فيه محمود: حدثنا أبو أسامة، وفي كتاب الخسوف: وقال أبو أسامة، وفي كتاب السهو في: باب الإشارة في الصلاة، عن يحيى بن سليمان عن ابن وهب عن الثوري مختصرا، وفي الخسوف مختصرا عن الربيع بن يحيى عن زائدة وعن موسى بن مسعود عن زائدة مختصرا، وتابعه علي عن الدراوردي وعن محمد المقدمي عن تمام في العتاقة. وأخرجه مسلم في الخسوف عن أبي كريب عن ابن غير، وعن أبي بكر بن أبي شيبة وأبي كريب عن أبي أسامة كلهم عن هشام بن عروة عن امرأته فاطمة.
بيان اللغات: قوله: (حتى علاني)، بالعين المهملة، من: علوت الرجل غلبته، تقول: علاه يعلوه علوا، وعلا في المكان يعلو علوا
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»