عمدة القاري - العيني - ج ١ - الصفحة ٧٢
طائفة إلى أن الإضافة في هذه الأسماء مقلوبة فأيل هو العبد وأوله اسم من أسماء الله تعالى والجبر عند العجم هو إصلاح ما فسد وهي توافق معناه من جهة العربية فإن في الوحي إصلاح ما فسد وجبر ما وهي من الدين ولم يكن هذا الاسم معروفا بمكة ولا بأرض العرب ولهذا أنه صلى الله عليه وسلم لما ذكره لخديجة رضي الله عنها انطلقت لتسأل من عنده علم من الكتاب كعداس ونسطور الراهب فقالا قدوس قدوس ومن أين هذا الاسم بهذه البلاد ورأيت في أثناء مطالعتي في الكتب أن اسم جبريل عليه الصلاة والسلام عبد الجليل وكنيته أبو الفتوح واسم ميكائيل عبد الرزاق وكنيته أبو الغنائم واسم إسرافيل عبد الخالق وكنيته أبو المنافخ واسم عزرائيل عبد الجبار وكنيته أبو يحيى وقال الزمخشري قرىء جبرئيل فعليل وجبرئل بحذف الياء وجبريل بحذف الهمزة وجبريل بوزن قنديل وجبرال بلام مشددة وجبرائيل بوزن جبراعيل وجبرايل بوزن جبراعل ومنع الصرف فيه للتعريف والعجمة * قلت هذه سبع لغات وذكر فيه ابن الأنباري تسع لغات منها سبعة هذه والثامنة جبرين بفتح الجيم وبالنون بدل اللام والتاسعة جبرين بكسر الجيم وبالنون أيضا وقرأ ابن كثير جبريل بفتح الجيم وكسر الراء من غير همز وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم بفتح الجيم والراء مهموزا والباقون بكسر الجيم والراء غير مهموز (بيان الإعراب) قوله يعالج في محل النصب لأنه خبر كان قوله شدة بالنصب مفعول يعالج. وقال الكرماني يجوز أن يكون مفعولا مطلقا له أي يعالج معالجة شديدة. قلت فعلى هذا يحتاج إلى شيئين أحدهما تقدير المفعول به ليعالج والثاني تأويل الشدة بالشديدة وتقدير الموصوف لها فافهم قوله وكان مما يحرك شفتيه اختلفوا في معنى هذا الكلام وتقديره فقال القاضي معناه كثيرا ما كان يفعل ذلك قال وقيل معناه هذا من شأنه ودأبه فجعل ما كناية عن ذلك ومثله قوله في كتاب الرؤيا كان مما يقول لأصحابه من رأى منكم رؤيا أي هذا من شأنه وأدغم النون في ميم ما وقال بعضهم معناه ربما لأن من إذا وقع بعدها ما كانت بمعنى ربما قاله الشيرازي وابن خروف وابن طاهر والأعلم وأخرجوا عليه قول سيبويه وأعلم أنهم مما يحذفون كذا وأنشدوا قول الشاعر * وإنا لمما نضرب الكبش ضربة * على رأسه نلقى اللسان من الفم * وقال الكرماني أي كان العلاج ناشئا من تحريك الشفتين أي مبدأ العلاج منه أو بمعنى من إذ قد تجىء للعقلاء أيضا أي وكان ممن يحرك شفتيه وقال بعضهم فيه نظر لأن الشدة حاصلة له قبل التحريك قلت في نظره نظر لأن الشدة وإن كانت حاصلة له قبل التحريك ولكنها ما ظهرت إلا بتحريك الشفتين لأن هذا أمر مبطن ولم يقف عليه الراوي إلا بالتحريك ثم استصوب ما نقل من هؤلاء من المعنى المذكور ومع هذا فيه خدش لأن من في البيت وفي كلام سيبويه ابتدائية وما فيهما مصدرية وأنهم جعلوا كأنهم خلقوا من الضرب والحذف مثل * (خلق الإنسان من عجل) * ثم الضمير في كان على قولهم يرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعلى تأويل الكرماني يرجع إلى العلاج الذي يدل عليه قوله يعالج والأصوب أن يكون الضمير للرسول * ويجوز هنا تأويلان آخران أحدهما أن تكون كلمة من للتعليل وما مصدرية وفيه حذف والتقدير وكان يعالج أيضا من أجل تحريك شفتيه ولسانه كما جاء في رواية أخرى للبخاري في التفسير من طريق جرير عن موسى ابن أبي عائشة لفظة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل جبريل بالوحي فكان مما يحرك به لسانه وشفتيه وتحريك اللسان مع الشفتين مع طول القراءة لا يخلو عن معالجة الشدة * والآخر أن يكون كان بمعنى وجد بمعنى ظهر وفيه ضمير يرجع إلى العلاج والتقدير وظهر علاجه الشدة من تحريك شفتيه قوله فأنزل الله عطف على قوله كان يعالج قوله قال أي ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير جمعه أي جمع الله لك في صدرك وقال في تفسير وقرآنه أي تقرأه يعني المراد من القرآن القراءة كما ذكرناه عن قريب وفي أكثر الروايات جمعه لك صدرك وفي رواية كريمة والحموي (جمعه لك في صدرك) قال القاضي رواه الأصيلي بسكون الميم مع ضم العين ورفع الراء من صدرك ولأبي ذر جمعه لك في صدرك وعند النسفي جمعه لك صدرك فإن قلت إذا رفع الصدر بالجمع ما وجهه قلت يكون مجاز الملابسة الظرفية إذ الصدر ظرف الجمع فيكون مثل أنبت الربيع البقل فالتقدير جمع الله في صدرك *
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»