عمدة القاري - العيني - ج ١ - الصفحة ٧١
أنهم كلهم من الأفراد لا أعلم من شاركهم في اسمهم مع اسم أبيهم * ومنها أن فيه رواية تابعي عن تابعي وهما موسى بن أبي عائشة عن سعيد بن جبير (بيان تعدد الحديث ومن أخرجه غيره) أخرجه البخاري هنا عن موسى بن إسماعيل وأبي عوانة وفي التفسير وفضائل القرآن عن قتيبة عن جرير كلهم عن موسى بن أبي عائشة عن سعيد بن جبير وأخرجه مسلم في الصلاة عن إسحاق بن إبراهيم وقتيبة وغيرهما عن جرير وعن قتيبة عن أبي عوانة كلاهما عن موسى بن أبي عائشة به ولمسلم فإذا ذهب قرأه كما وعد الله وللبخاري في التفسير ووصف سفيان يريد أن يحفظه وفي أخرى يخشى أن ينفلت منه ولمسلم في الصلاة لتعجل به أخذه * (إن علينا جمعه وقرآنه) * إن علينا أن نجمعه في صدرك وقرآنه فتقرأه فإذا أقرأناه فاتبع قرآنه قال أنزلناه فاستمع له إن علينا أن نبينه بلسانك رواه الترمذي من حديث سفيان بن عيينة عن موسى عن سعيد عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه القرآن يحرك به لسانه يريد أن يحفظه فأنزل الله تعالى * (لا تحرك به لسانك لتعجل به) * قال فكان يحرك به شفتيه وحرك سفيان شفتيه ثم قال حديث حسن صحيح (بيان اللغات) قوله يعالج أي يحاول من تنزيل القرآن عليه شدة ومنه ما جاء في حديث آخر ولى حره وعلاجه أي عمله وتعبه ومنه قوله من كسبه وعلاجه أي من محاولته وملاطفته في اكتسابه ومنه معالجة المريض وهي ملاطفته بالدواء حتى يقبل عليه والمعالجة الملاطفة في المراودة بالقول والفعل ويقال محاولة الشيء بمشقة قوله فأنزل الله تعالى لا تحرك به أي بالقرآن وقال الزمخشري رحمه الله وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لقن الوحي نازع جبريل عليه السلام القراءة ولم يصير إلى أن يتمها مسارعة إلى الحفظ وخوفا من أن يتفلت منه فأمر بأن يستنصت له ملقيا إليه بقلبه وسمعه حتى يقضي إليه وحيه ثم يعقبه بالدراسة إلى أن يرسخ فيه والمعنى * ( لا تحرك به لسانك) * بقراءة الوحي ما دام جبريل عليه السلام يقرؤ لتعجل به لتأخذ به على عجلة ولئلا يتفلت منه ثم علل النهي عن العجلة بقوله * (إن علينا جمعه) * في صدرك وإثبات قراءته في لسانك قال الزمخشري * (فإذا قرأناه) * جعل قراءة جبريل قراءته والقرآن القراءة * (فاتبع قرآنه) * فكن معقبا له فيه ولا تراسله وطأ من نفسك أنه لا يبقى غير محفوظ فنحن في ضمان تحفيظه * (ثم إن علينا بيانه) * إذا أشكل عليك شيء من معانيه كأنه كان يعجل في الحفظ والسؤال عن المعنى جميعا كما ترى بعض الحراص على العلم ونحوه * (ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه) * قوله قال أي ابن عباس في تفسير جمعه أي جمع الله لك في صدرك وقال في تفسير وقرآنه أي تقرأه يعني المراد بالقرآن القراءة لا الكتاب المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم للإعجاز بسورة منه أي أنه مصدر لا علم للكتاب قوله فاستمع هو تفسير فاتبع يعني قراءتك لا تكون مع قراءته بل تابعة لها متأخرة عنها فتكون أنت في حال قراءته ساكتا والفرق بين السماع والاستماع أنه لا بد في باب الافتعال من التصرف والسعي في ذلك الفعل ولهذا ورد في القرآن * (لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت) * بلفظ الاكتساب في الشر لأنه لا بد فيه من السعي بخلاف الخير فالمستمع هو المصغي القاصد للسماع وقال الكرماني عقيب هذا الكلام وقال الفقهاء تسن سجدة التلاوة للمستمع لا للسامع * قلت هذا لا يمشي على مذهب الحنفية فإن قصد السماع ليس بشرط في وجوب السجدة مع أن هذا يخالف ما جاء في الحديث (السجدة على من تلاها وعلى من سمعها) قوله وانصت همزته همزة القطع قال تعالى * (فاستمعوا له وأنصتوا) * وفيه لغتان أنصت بكسر الهمزة وفتحها فالأولى من نصت ينصت نصتا والثانية من أنصت ينصت إنصاتا إذا سكت واستمع للحديث يقال انصتوه وانصتوا له وأنصت فلان فلانا إذا أسكته وانتصت سكت وذكر الأزهري في نصت وأنصت وانتصت الكل بمعنى واحد قوله * (ثم إن علينا بيانه) * فسره بقوله ثم إن علينا أن تقرأ وفي مسلم أن تبينه بلسانك وقيل بحفظك إياه وقيل بيان ما وقع فيه من حلال وحرام حكاه القاضي قوله جبريل عليه السلام هو ملك الوحي إلى الرسل عليهم الصلاة والسلام الموكل بإنزال العذاب والزلازل والدمادم ومعناه عبد الله بالسريانية لأن جبر عبد بالسريانية وأيل اسم من أسماء الله تعالى وروى عبد بن حميد في تفسيره عن عكرمة أن اسم جبريل عبد الله واسم ميكائيل عبيد الله وقال السهيلي جبريل سرياني ومعناه عبد الرحمن أو عبد العزيز كما جاء عن ابن عباس مرفوعا وموقوفا والموقوف أصح وذهبت
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»